يدهده الخراء بأنفه. إن الله قد أذهب عنكم عيبة الجاهلية، وفخرها بالآباء، إنما هو مؤمن تقي، أو فاجر شقي، الناس كلهم بنو آدم، وآدم من تراب)).رواه الترمذي، وأبو داود. [٤٨٩٩]
ــ
آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا {،كأنه صلى الله عليه وسلم حلف على أن أحد الأمرين كائن لا محالة.
فإن قلت: هب أنه صلى الله عليه وسلم عرف أنه تعالى يعذبهم بسبب المفاخرة بآبائهم فأقسم عليهم، فبم عرف انتهاءهم عنها قلت: لما نظمها بأوفي الحكم الذي هو الحلف، آل كلامه إلى قولك:((ليكونن أحد الأمرين)) يعني إن كان الانتهاء لم تكن مذلة، وإن لم تكن كانت. كذا حقق صاحب الكشاف في النمل: قيل: أحد الأمرين لابد منه، إما الانتهاء عما هو فيه، أو إنزال الصغار والهوان من الله تعالى عليهم. و ((الجعل)) حيوان معروف كالخنفساء والدهدهة والدحرجة يقال: دهدهت الحجر ودهيته.
قوله:((عيبة الجاهلية)) ((تو)):أي نخوتها يقال: رجل فيه عيبة بضم العين وكسرها: أي كبر وتجبر. والمحفوظ عن أهل الحديث بتشديد الباء. وذكر أبو عبيد الهروي: هو من العبء بمعنى الحمل الثقيل. ثم قال: وقال الأزهري: بل مأخوذ من العبء وهو الضوء والنور والضياء. يقال: هذا عبأ الشمس، وأصله عبوء الشمس، وعلى هذا فالتشديد فيه كما في الذرية من الذرء بالهمز. والجوهري أدخله في باب المضاعف.
قوله:((إنما هو مؤمن تقي)) في هذا الضمير وجوه: أحدها: أن في الكلام تقديما وتأخيرا، فقوله:((الناس كلهم بنو آدم)) مقدم ملحوظه؛ لأنه مجمل وذاك تفصيله على نحو قوله:
الناس من جهة التمثال أكفاء أبوهم آدم والأم حواء
فإن يكن لهم في أصلهم شرف يفاخرون به فالطين والماء
ما الفخر إلا لأهل العلم إنهم على الهدى لمن استهدى أدلاء
ووحد الضمير نظرا إلى الجنس ملحوظه على تأويل الإنسان. وثانيها: أنه ضمير مبهم يفسره الخبر. كذا قرر صاحب الكشاف في قوله تعالى:} وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا {.وقولهم: هي العرب تقول: ما شاءت. وثالثها: أن يكون بمعنى اسم الإشارة، ملحوظة إلى المذكور السابق منطوقا ومفهوما.