٤٩٠٠ - وعن مطرف بن عبد الله بن الشخير، قال:((قال أبي:)) انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: أنت سيدنا. فقال:((السيد الله)) فقلنا وأفضلنا فضلا، وأعظمنا طولا. فقال:((قولوا قولكم، أو بعض قولكم، ولا يستجيرنكم الشيطان)).رواه أحمد وأبو داود. [٤٩٠٠]
ــ
وبيانه أن قوله صلى الله عليه وسلم:((أقوام)) من باب سوق المعلوم مساق غيره. وهم قوم مخصوصون نكرهم وجعلهم غائبين، قم التفت من الغيبة إلى الخطاب في قوله:((قد أذهب عنكم)) وهذا يشعر بغضب شديد وسخط متتابع، كأن أناسا من المسلمين تفاخروا بأسلافهم الذين ماتوا على الكفر كالعباس بن مرداس وأضرابه، حتى قال قائلهم:
فما كان محصن ولا حابس يفوقان مرداس في مجمع
فوبخهم وزجرهم وسفه رأيهم. المعنى لينته من شرفه الله وخلع عليه حلل الإسلام. ورفعه من حضيض الكفر إلى يفاع الإيمان عن هذه الشنعاء وإلا فيحطه من تلك المنزلة، ويرده إلى أسفل سافلين الكفر والذل، فإن تشبيهم بأخس الحيوانات في أخس أحواله يدل عليه. فالمعنى ما ذلك العزيز الكريم عند الله إلا رجل تقي، وما ذلك الدنيء عنده إلا فاجر شقي. ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك العنف إلى اللطف ومن التوبيخ إلى إسماع الحق قائلا:((الناس كلهم بنو آدم)) كقوله تعالى:} يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى {إلى قوله:} إن أكرمكم عند الله أتقاكم {وفي ذكر التراب إشارة إلى نقصانهم وأنهم فيه سواء طف الصاع بالصاع.
الحديث الثاني عن مطرف: قوله: ((قولوا قولكم)) ((مظ)):يعني قولوا هذا القول أو أقل منه، ولا تبالغوا في مدحي بحيث تمدحونني بشيء يليق بالخالق ولا يليق بالمخلوق. ((خط)):أراد النبي صلى الله عليه وسلم قولوا بقول أهل دينكم وملتكم، وادهوني نبيا وروسولا كما سماني الله في كتابه، ولا تسموني سيدا كما تسمون رؤساءكم وعظماءكم؛ لأني لست كأحد منهم إذا كانوا يسودونكم في أسباب الدنيا، وأنا أسودكم بالرسالة والنبوة فسموني رسولا ونبيا.
((تو)):سلك القوم في الخطاب معه مسلكهم مع رؤساء القبائل؛ فإنهم يخاطبونهم بنحو هذا الخطاب فكره ذلك؛ لأنه كان من حقه أن يخاطبوه بالنبي والرسول؛ فإنها المنزلة التي لا منزلة