للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٩٠١ - وعن الحسن، عن سمرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الحسب المال، والكرم التقوى).رواه الترمذي، وابن ماجه. [٤٩٠١]

ــ

وراءها لأحد البشر. وحول الأمر فيه إلى الحقيقة فقال: السيد هو الله أي الذي يملك نواصي الخلق ويتولى أمرهم ويسوسهم.

أقول: على هذا نزل صلوات الله عليه قولهم منزلة الإبهام والتورية، وهو لفظ له معنيان: قريب وبعيد، وأراد القوم المعنى القريب وهو المتعارف بينهم، فلما كره صلوات الله عليه ذلك، حمله على المعنى البعيد زجرا وتوبيخا لهم. كما إذا قيل لرجل فاضل متبحر من زمرة العلماء: ملك الصدور، فهو دون منزلته؛ لأنه يستعمل في العظماء فيكرهه ويحول الأمر فيه إلى الحقيقة قائلا: ملك الصدور هو الله تعالى. وقوله: ((وأفضلنا)) عطف على قوله: ((سيدنا)) كأنهم قالوا: أنت سيدنا وأفضلنا فضلا وأعظمنا طولا. فكره صلى الله عليه وسلم الكل وخص الرد بالسيد، فأدخل الراوي كلامه بين المعطوف والمعطوف عليه. والذي يدل على كراهة الكل قوله: ((قولوا قولكم)) أي بقول أهل ملتكم وما هو من شعار المسلمين، وذلك قولهم رسول الله ونبي الله.

ويحتمل أن يراد بالقول القول الذي جئتم له وقصدتموه، أي دعوا هذا المدح وأتوا بمقصودكم وحاجتكم، ونظيره قوله صلى الله عليه وسلم لجويريات يضربن بالدف، ويندبن من قتل آبائهن يوم بدر، إذ قالت إحداهن: وفينا نبي يعلم ما في غد: دعى هذه وقولي ما كنت تقولين. وقوله: ((فضلا)) تمييز والمراد به المزايا من الكرم والعلم والنبوة وغير ذلك. و ((بالأفضل)) مطلق الزيادة بحسب أهل اللغة. و ((الطول)) الفضل.

قوله: ((لا يستجيرنكم الشيطان)) أي: يغلبنكم فيتخذكم جريا أي رسولا ووكيلا. وذلك أنهم كانوا مدحوه، فكره لهم المبالغة في المدح فنهاهم عنه يريد: تكلموا بما يحضركم من القول، ولا تتكلفواه كأنكم وكلاء الشيطان ورسله، تنطقون عن لسانه.

الحديث الثالث عن الحسن: قوله: ((الحسب)) ما يعد من مآثره ومآثر آبائه. والكرم الجمع بين أنواع الخير والشرف والفضائل. وهذا بحسب اللغة، فردهما صلى الله عليه وسلم إلى ما هو المتعارف بين الناس وعند الله تعالى، أي ليس ذو الحسب عند الناس الفقير إذ لا يوقر ولا يحتفل به، بل الحسب عندهم من رزق الثروة ووقر في العيون.

ومنه حديث ابن عمر رضي الله عنه: من حسب الرجل نقاء ثوبيه، أي أنه يوقر لذلك من حيث أنه دليل الثروة وذو الفضل والشرف عند الناس. ولا يعد كريما عند الله تعالى، وإنما

<<  <  ج: ص:  >  >>