للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

العبد ما كان العبد في عون أخيه. ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة. وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده. ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه)) رواه مسلم [٢٠٤].

٢٠٥ - وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أول الناس يقضى عليه يوم القيامة رجل استشهد، فأتى به فعرفه نعمته فعرفها، قال: ما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت قال: كذبت؛ ولكنك قاتلت لأن يقال: جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل تعلم العلم وعلمه، وقرأ القرآن،

ــ

قوله: ((ومن سلك طريقاً)) التنكير فيه للشيوع، أي تسبب بسبب أي سبب كان، من مفارقة الأوطان، والضرب في البلدان، والإنفاق فيه، والتعلم والتعليم، والتصنيف، والكدح فيه، مما لا يحصى كثرة. ((ومن بطأ به عمله)) أيضاً تذييل بمعنى التعظيم لأمر الله، فالواو فيه وفي قوله: ((والله في عون العبد)) استئنافية، وبقية الواوات عاطفة، وأخرج مخرج الحصر خصوصاً بما وإلا؛ ليقطع الحكم به، ويكمل العناية بشأنها، والله أعلم.

الحديث الثامن عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((إن أول الناس)) ((شف)): ((يقضي)) صفة للناس، وهو نكرة معنى، أي أول ناس يقضي عليه يوم القيامة رجل. انتهى كلامه.

قوله: ((فعرفه)) هذا التعريف للتبكيت، وإلزام المنعم عليه، ولذلك أتبعه بقوله: ((فعرفها)) أي اعترف بها، والفاء في ((فعرفه)) للتعقيب، وفي ((فعرفها)) للتسبيب، وفي [فما عملت] جزاء شرط محذوف هو مقول القول، أي إذا كان مقرراً عندك أمن تلك النعمة الموجبة للشكر مني فما فعلت في حق تلك النعمة؟ وهي منح القوة، والشجاعة، وتهيئة آلة المحاربة لإعلاء كلمات الله، يعني كيف أديت شكرها؟ وقوله: ((فيك)) أي في جهتك خالصاً لك، أداء لحق تلك النعمة. والتكذيب راجع إلى هذه الدعوى. و ((جريء)) أي مقدام، يقول منه: جرأ الرجل جراء بالمد. قال في الصحاح: وأما الجريء المقدام فهو من باب الهمز. ((وقرأ القرآن)) أي على ظهر قلبه من غير تأمل في معانيه. وفيه تنبيه على أن مجرد قراءته كاف في الاعتبار.

قال المؤلف: ((نعمته)) على صيغة المفرد أولاً، وعلى الجمع في الأخيرين، هكذا جاء في صحيح مسلم، والجمع بين الصحيحين، والحميدي، وجامع الأصول، وفي الرياض للنواوي، وفي بعض نسخ المصابيح. ولعل الفرق لأجل اعتبار الإفراد في الأولى والكثرة في الأخيرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>