للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٩١١ - وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رغم أنفه، رغم أنفه، رغم أنفه)) قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك والديه عند الكبر، أحدهما أو كلاهم، ثم لم يدخل الجنة)). رواه مسلم.

ــ

الحديث الثاني عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((عند الكبر)) بالإضافة وأحدهما أو كلاهما مرفوعان. هكذا هو في جميع روايات مسلم. وفي كتاب الحميدي، وجامع الأصول، وفي بعض نسخ المصابيح. وقد غيروا في بعضها إلى قوله: ((عنده)) بالهاء. وكليهما بالنصب، نعم هو في الترمذي كذا عن أبي هريرة أنه قال صلى الله عليه وسلم: ((رغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه الجنة.

قال الشيخ محيي الدين: معناه أن يبرهما عند كبرهما وضعفهما بالخدمة والنفقة وغير ذلك سبب لدخول الجنة، فمن فاته قصر في ذلك فاته دخول الجنة. ((مظ)): ((عند الكبر)) ظرف في موضع الحال. والظرف إذا كان في موضع الحال يرفع ما بعده. وكلاهما مرفوع بالظرف وكلاهما معطوف على أحدهما فـ ((أحدهما)) مرفوع بالظرف، و ((كلاهما)) معطوف على ((أحدهما)). ((شف)): يجوز أن يكون ((أحدهما)) خبراً لمبتدأ محذوف، أي مدركه أحدهما أو كلاهما؛ فإن من أدرك شيئاً فقد أدركه ذلك الشيء. وهذه الجملة بيان لقوله: ((من أدرك والديه)).

أقول: ((ثم)) في قوله ((ثم لم يدخل الجنة)) استبعاد، يعني ذلك وخاب وخسر من أدرك تلك الفرصة التي هي موجبة للفلاح والفوز بالجنة ثم لم ينتهزها. وانتهازها هو ما اشتمل عليه قوله تعالى: {وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما} إلى قوله: {وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا}؛ فإنه دل على الاجتناب عن جميع الأقوال المحرمة، والإتيان بجميع كرائم الأقوال والأفعال، من التواضع والخدمة والإنفاق عليهما، ثم الدعاء لهما في العاقبة.

فإن قلت: بين لي الفرق بين قوله صلى الله عليه وسلم عليه السلام: ((عند الكبر)) وقوله تعالى: ((عندك الكبر) قلت: معنى ((عندك)) أن يكبرا ويعجزا وكانا كلا عليك، ولا كافل لهما غيرك فهما عندك وفي بيتك وكتفك. ومعنى ((عندك الكبر)) في حال حضوره ومكان حصوله، أي تدركهما والحال أنهما عاجزان، والضعف ممكن فيهما وكأنهما لحم على وضم، فتزاول إنقاذهما من

<<  <  ج: ص:  >  >>