للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٩١٣ - وعن أسماء بنت أبي بكر [رضي الله عنه]، قالت: قدمت على أمي وهي مشركة في عهد قريش، فقلت: يا رسول الله! إن أمي قدمت علي وهي راغبة أفأصلها. قال: ((نعم صليها)). متفق عليه.

٤٩١٤ - وعن عمرو بن العاص، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن آل فلان ليسوا لي بأولياء، إنما وليي الله وصالح المؤمنين، ولكن لهم رحم أبلها ببلالها)). متفق عليه.

ــ

تلك الورطة بالإحسان قولا، وخفض الجناح بالذل فعلا، وطلب الرحمة من الله تعالى فإنه يدل على الاعتراف بالعجز والقصور في أداء حقهما، والإحالة على الله تعالى ورحمته؛ لأنه هو الكافي والحسيب. وإليه الإشارة بقوله تعالى: {كما ربياني صغيرا} كما يقال: أدركته وهو في ورطة الهلاك فأنقذته منها.

الحديث الثالث عن أسماء: قوله: ((راغبة)). ((تو)): قد روي بالباء وكذلك هو في المصابيح، وهو الصواب ((راغمة)) بالميم بدل الباء. ((مح)): في شرح هذا الحديث: ((قدمت علي أمي وهي راغبة أو راهبة)). وفي الرواية الأخرى: ((راغبة)) بلا شك وهي مشركة. قال القاضي عياض: الصحيح ((راغبة)) بلا شك. وفي رواية أبي داود: ((راغبة في عهد قريش وهي راغمة مشركة)) قيل: معناه راغبة عن الإسلام أو كارهة له. وقيل: طامعة فيما أعطتها حريصة عليه. ومعنى ((راغمة)) بالميم كارهة للإسلام ساخطة له. وفيه جواز صلة القريب المشرك.

أقول: تحريره أن قوله: ((راغبة)) إذا أطلقت من غير تقييد يقدر راغبة عن الإسلام لا غير، وإذا قرنت بقوله: ((وهي مشركة أو في عهد قريش)) يقدر راغبة في صلتي ليطابق ما رواه أبو داود: ((وهي راغمة)).

الحديث الرابع عن عمرو بن العاص: قوله: ((إنما وليي الله وصالح المؤمنين)) ((تو)): المعنى: أني لا أوالي أحداً بالقرابة، وإنما أحب الله سبحانه لما يحق له على العباد، وأحب صالحي المؤمنين لوجه الله سبحانه، وأوالي من أوالي بالإيمان والصلاح، وأراعي لذوي الرحمن حقهم بصلة الرحم. وقوله: ((أبلها ببلالها)) أي أنديها بما يجب أن يندى. ومنه قوله: ((بلوا أرحامكم)) أي صلوها وندوها. والعرب تقول للقطيعة: اليبس، قال الشاعر:

فلا تيبسوا بيني وبينكم الثرى فإن الذي بيني وبينكم ثرى

شبه قطيعة الرحم بالحرارة تطفأ بالماء ويندى بالصلة

((قض)): ويقال للوصل: بلل يقتضى الالتصاق والاتصال، والهجر يبس يفضي إلى التفتت والانفصال.

<<  <  ج: ص:  >  >>