٤٩١٩ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خلق الله الخلق، فلما
ــ
وأجاب العلماء بوجوه: أحدهما: أن هذه الزيادة بالبركة في العمر بسبب التوفيق في الطاعات وعمارة أوقاته بما ينفعه في الآخرة، وصيانتها عن الضياع في غير ذلك.
وثانيها: أنه بالنسبة إلى ما يظهر للملائكة في اللوح المحفوظ ونحو ذلك، فيظهر لهم في اللوح المحفوظ أن عمره ستون سنة إلا أن يصل رحمه، فإن وصلها زيد له أربعون. وقد علم الله سبحانه وتعالى بما سيقع له من ذلك، وهو من معنى قوله تعالى:{ويمحو الله ما يشاء ويثبت}. فبالنسبة إلى ما في علم الله تعالى وما سبق به قدره لا زيادة، بل هي مستحيلة وبالنسبة إلى ما ظهر للمخلوقين يتصور الزيادة، وهو مراد الحديث.
وثالثها: أن المراد بقاء ذكره الجميل بعده، فكأنه لم يمت، وهو ضعيف.
أقول: كأن هذا الوجه أظهر؛ فإن أثر الشيء هو حصول ما يدل على وجوده، فمعنى ((يؤخر في أثره)) أي يؤخر ذكره الجميل بعد موته، أو يجري له ثواب عمله الصالح بعد موته. قال الله تعالى:{ونكتب ما قدموا وآثارهم} وعليه كلام صاحب الفائق حيث قال: ويجوز أن يكون المعنى، أن الله يبقى أثر واصل الرحم في الدنيا طويلاً، فلا يضمحل سريعاً كما يضمحل أثر قاطع الرحم. ولم أنشد أبو تمام أبا دلف ما رثى به محمد بن حميد:
توفيت الآمال بعد محمد وأصبح في شغل مع السقر
الأبيات المذكورة في التبيان. بكى وقال: وددت أنها في. فقال أبو تمام:
((بل يطيل الله عمر الأمير)).
فقال: لم يمت من قيل فيه هذا، وعليه قول الخليل عليه السلام:{واجعل لي لسان صدق في الآخرين}.
الحديث التاسع عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((فلما فرغ)). تو)) ((تو)): أي قضاه الله وأتمه، أو نحو ذلك مما يشهد بأنه مجاز القول؛ فإنه سبحانه وتعالى لا يشغله شأن عن شأن، أو يطلق عليه الفراغ الذي هو ضد الشغل. ويقال: مه فلان أي: ما تقول، على الزجر والاستفهام. وههنا إن كان على الزجر فبين، وإن كان على الاستفهام فالمراد منه الأمر بإظهار الحاجة دون الاستعلام؛ فإن الله تعالى يعلم السر وأخفي. وقيل: هو في الحقيقة ضرب مثلا واستعارة؛ إذا الرحم معنى، وهو اتصال القرب بين أهل النسب.