٤٩١٧ - وعن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي)). رواه مسلم.
٤٩١٨ - وعن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره؛ فليصل رحمه)). متفق عليه.
ــ
أقول: ويمكن أن يقال: إنه من الكبائر مطلقاً؛ لأن سبب السبب سب، فكأنه واجه أباه بأن قال له: أنت أحمق أو جاهل. ولا شك أن هذا من الكبائر. وقد قال تعالى:{ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما}، ونحوه قوله تعالى:{ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم}. ((مح)): وفيه قطع تحريم الوسائل والذرائع، فيؤخذ منه النهي عن بيع العصير لمن يتخذ الخمر والسلاح ممن يقطع الطريق ونحو ذلك.
الحديث السابع عن ابن عمر رضي الله عنه: قوله: ((بعد أن يولي)). ((تو)): هذه الكلمة مما يتخبط الناس فيها، والذي أعرفه هو أن الفعل مسند إلى ((أبيه))، أي بعد أن يغيب أبوه أو يموت من ولى يولى، يؤيده حديث أبي أسيد الساعدي، وإنفاذ عهدهما من بعدهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما، انتهى كلامه.
وهكذا صحح في مشاق جامع الأصول ومشارق الأنوار ((أن يولى)) بضم الياء وفتح الواو وكسر اللام المشددة. والمعنى أن من جملة المبرات الفضلى مبرة الرجل مع أحباء أبيه؛ فإن مودة الآباء قرابة الأبناء أي إذا غاب الأب أو مات يحفظ أهل وده ويحسن إليهم؛ فإنه من تمام الإحسان إلى الأب. وإنما كان أبر لأنه إذا حف غيبته فهو بحفظ حضوره أولى وأحرى.
الحديث الثامن عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((وينسأ له)). ((مح)): النسأ التأخير يقال: نسأت الشيء نسأ وأنسأته إذا أخرته والنساء الاسم. ويكون في العمر والدين. و ((الأثر)) الأجل وسمي به؛ لأنه يتبع العمر. قال زهير:
يسعى الفتى لأمور ليس يدركها والنفس واحدة والهم منتشر
المرء ما عاش ممدود له أمل لا ينتهي العمر حتى ينتهي الأثر
وأصله من ((أثر مشيه في الأرض))؛ فإن من مات لا يبقى له أثر، فلا يرى لأقدامه في الأرض أثر.
((مح)): في تأخير الأجل سؤال مشهور، وهو أن الآجال والأرزاق مقدرة لا تزيد ولا تنقص. ((فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون)).