٤٩١٦ - وعن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من الكبائر شتم الرجل والديه)). قالوا: يا رسول الله! وهل يشتم الرجل والديه؟ قال:((نعم، يسب أبا الرجل، فيسب أباه؛ ويسب أمه، فيسب أمه)). متفق عليه.
ــ
للنهي عن ولا ذم، وقال أبو عبيد: فيه تجوز عربية، وذلك أنه جعل القال مصدراً كأنه قال: نهى عن قيل وقال يقال: قلت قولا وقالا وقيلا. وهذا التأويل على أنهما اسمان. وقيل: أراد النهي عن كثرة الكلام مبتدئاً ومجيبا. وقيل: هذا الكلام يتضمن لعمومه حرمة النميمة والغيبة؛ فإن تبليغ الكلام من أقبح الخصال، والإصغاء إليها أقبح وأفحش.
قوله:((كثرة السؤال)) فيه وجوه: أحدها: ((فا)) السؤال عن أمور الناس وكثرة البحث عنها، وثانيها مسألة الناس أموالهم. ((تو)): ولا أدري حمله على هذا؛ فإن ذلك مكروه وإن لم يبلغ حد الكثرة. وثالثها: كثرة السؤال في العلم للامتحان وإظهار المراء. ورابعها: كثرة سؤال النبي صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى:{لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم}.
قوله:((وإضاعة المال)) ((فال)): هو إنفاقه في غير طاعة الله تعالى والسرف انتهى كلامه. قيل: والتقسيم الحاصر فيه الحاوي لجميع الأقسام أن تقول: إن الذي يصرف إليه المال، إما أن يكون واجباً كالنفقة والزكاة ونحوهما، فهذا لا ضياع فيه، وهكذا إن كان مندوباً إليه، وإما أن يكون حراماً أو مكروهاً، وهذا قليلة وكثرة إضاعة وسرف. وإما أن يكون مباحاً ولا إشكال إلا في هذا القسم؛ إذ كثر من الأمور يعده بعض الناس من المباحات، وعند التحقيق ليس كذلك كتشييد الأبنية وتزيينها، والإسراف في النفقة، والتوسع في لبس الثياب الناعمة، والأطعمة الشهية اللذيذة، وأنت تعلم أن الفسق وغلظة الطبع يتولد من لبس الرقاق وأكل الرقاق. ويدخل فيه تمويه الأواني والسقوف بالذهب والفضة، وسوء القيام على ما يملكه من الرقيق والدواب، حتى تضيع فتهلك. وقسمة ما لا ينتفع الشريك به كاللؤلؤة والسيف يكسران. وكذا احتمال الغبن الفاحش في البياعات، وإيتاء المال صاحبه، وهو سفيه حقيق بالحجر. وهذا الحديث أصل في معرفة حسن الخلق الذي هو منبع جميع الأخلاق الحميد والخلال الحميدة.
الحديث السادس عن عبد الله: قوله: ((من الكبائر)) قيل: ((وإنما يصير ذلك من الكبائر، إذا كان الشتم مما يوجب حدا كما إذا شتمه بالزنا والكفر، وقال له: أبوك زان أو كافر أو نحوهما. فقال في جوابه: بل أبوك كافر أو زان. أما إذا شتمه بما دون ذلك بأن قال له: أبوك أحمق أو جاهل أو نحوهما فلا يكون من الكبائر.