قال الثاني: اللهم إنه كانت لي بنت عم أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء، فطلبت إليها نفسها، فأبت حتى أتيتها بمائة دينار، فسعيت حتى جمعت مائة دينار،
ــ
قوله:((كأشد)) يجوز أن يكون صفة مصدر محذوف. و ((ما)) مصدرية، أي أحبها حباً مثل أشد حب الرجال النساء، أو حالا أي أحبها مشابها حبي أشد حب الرجل النساء. ونظيره قوله تعالى:{يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية}، فإن قوله تعالى:{أو أشد خشية} حال على تقدير مشبهين أو أشد خشية من أهل خشية الله. ويجوز أن يكون صفة المصدر نحو خشية الله على أن يكون الخشية خاشية. وما نحن فيه لم يحتج إلى هذا التأويل؛ لأنه مضاف كما قدرنا. وفي الآية:((خشية)) منصوبة على التمييز. ولو قدر الإضافة بأن يقال: أشد خشية بالجر كان سواء بسواء حذو القذة بالقذة.
قوله:((فطلبت إليها نفسها)) ((نه)): يقال: طلب إلي فأطلبته أي أسعفته بما طلب. والطلبة الحاجة والإطلاب إنجازها. انتهى كلامه. ويجوز أن يضمن فيه معنى الإرسال، أي أرسلت إليها طالباً نفسها. والخاتم كناية عن البكارة. والفاء في ((فإن كنت)) عطف على مقدر، أي اللهم فعلت فإن كنت تعلم .... إلخ. ويجوز أن يكون ((اللهم)) مقحمة بين المعطوف والمعطوف عليه لتأكيد الابتهال والتضرع إلى الله تعالى، فلا يقدر معطوف عليه وهو الوجه، يدل عليه القرينة السابقة واللاحقة. وإنما كرر ((اللهم)) في هذه القرينة دون أختيهما؛ لأن هذا المقام أصعب المقامات وأشقها؛ فأنه ردع لهوى النفس خوفاً من الله تعالى ومقامه. قال الله تعالى:{وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى}.
قال الشيخ أبو حامد: شهوة الفرج أغلب الشهوات على الإنسان وأعصاها عند الهيجان على العقل. فمن ترك الزنا خوفاً من الله تعالى مع القدرة، وارتفاع الموانع وتيسر الأسباب لاسيما عند صدق الشهوة، نال درجة الصديقين. و ((الفرق)) بفتح الراء مكيال يسع ستة عشر رطلاً. وهي اثنا عشر مداً، وثلاثة آصع عند أهل الحجاز.
قوله:((ذلك البقر)) ((ذلك)) إشارة إلى البقر باعتبار السواد المرئي. كما يقال: هند ذلك الإنسان أو الشخص فعل كذا. قال الذبياني:
تبيت نعمي على الهجران عاتبة سقياً ورعياً لذاك العاتب الزاري
وأنث الضمير الراجع إلى البقر باعتبار جمعية الجنس.
((مح)): استدل أصحابنا بهذا على أنه يستحب للإنسان أن يدعو في حال كربه وفي الاستسقاء