للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

رجل: يا أبا عبد الرحمن! لوددت أنك ذكرتنا في كل يوم. قال: أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم، وإني أتخولكم بالموعظة كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بها مخافة السآمة علينا. متفق عليه.

٢٠٨ - وعن أنس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً حتى تفهم عنه، وإذا أتى على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثاً. رواه البخاري.

٢٠٩ - وعن أبي مسعود الأنصاري، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنه

ــ

وقد رد على الأعمش روايته باللام، وكان الأصمعي يقول: ظلمه أبو عمرو، يقال: يتخولنا ويتخوننا جميعاً. قلت: والرواية باللام أكثر، وزعم بعضهم أن الصواب يتحولنا- بالحاء- المهملة- وهو أن يتفقد أحوالهم التي ينشطون فيها للموعظة فيعظهم فيها، ولا يكثر عليهم فيملوا. ومن الناس من يرويه كذلك، ولكن الرواية في الصحاح بالخاء المعجمة.

الحديث الحادي عشر عن أنس: قوله: ((إذا تكلم)) ((تو)): أراد بالكلمة الجملة المفيدة. وقوله: ((أعادها ثلاثاً)) فإنه مبين بقوله: ((حتى يفهم عنه)). وأما قوله: ((إذا سلم سلم عليهم ثلاثاً)) فإنه يفتقر إلى البيان؛ لأنا لم نجد سنة مشروعة، وقد ذهب بعض العلماء في معناه إلى التسليم الاستئذان، واستدل بحديث سعد بن عبادة: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه وهو في بيته، وسلم، [فلم] يجبه، ثم سلم ثانياً، ثم ثالثاً)) الحديث الأول، وفي هذا التأويل نظر؛ لأن تسليمة الاستئذان [تثنى] ذا حصل الإذن بالأولى، ولا تثلث إذا حصل بالثانية؛ ثم أنه ذكره بحرف ((إذا)) المقتضية لتكرار الفعل كرة بعد أخرى، وتسليمه ثلاثاً على باب سعد أمر نادر، ولم يذكر عنه في غير هذا الحديث.

والوجه فيه أن نقول: معناه كان النبي صلى الله عليه وسلم أتى على قوم سلم تسليمه الاستئذان، وإذا دخل سلم تسليمة التحية، ثم إذا قام من المجلس سلم تسليمة الوداع، وهي في معنى الدعاء. وهذه التسليمات كلها مسنونة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يواظب عليها، ولا مزيد في السنة على هذه الأقسام.

الحديث الثاني عشر عن أبي مسعود: قوله: ((إنه أبدع بي)) اسم ((إن)) ضمير الشأن، والجملة المفسرة خبره. ((فا)): أبدعت الراحلة إذا انقطعت عن السير لكلال أو ظلع جعل انقطاعها عما كانت مستمرة عليه من عادة السير إبداعاً منها، أي إنشاء أمر خارج عما اعتيد فيها وألف، واتسع فيه حتى قيل: أبدعت حجة فلان، وأبدع بره بشكري، وإذا لم يف شكره ببره. ومعنى ((أبدع بالرجل)) انقطع به راحلته، كقولك: سار زيد بعمرو، فإذا بنيت الفعل للمفعول به وحذفت الفاعل قلت: سير بعمرو، فأقمت الجار والمجرور مقام الفاعل، وأن المعنى في سير بعمرو سير عمرو، كذلك المعنى في انقطع بالرجل قطع الرجل، أي قطع عن السير.

<<  <  ج: ص:  >  >>