أبدع بي فاحملني. فقال:((ما عندي)). فقال: رجل: يا رسول الله! أنا أدله على من يحمله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((من دل على خير فله مثل أجر فاعله)). رواه مسلم. [٢٠٩].
٢١٠ - وعن جرير، قال: كنا في صدر النهار عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءه قوم عراة مجتابي النمار أو العباء، متقلدي السيوف، عامتهم من مضر، بل كلهم من مضر، فتمعر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج، فأمر بلالا فأذن، وأقام فصلى ثم خطب فقال: {يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس
ــ
قوله:((من دل على خير)) وإنما أجاب صلى الله عليه وسلم بقوله: ((من دل على خير فله مثل أجر فاعله)) بدل ((نعم)) ليشمل جميع هذه الخصلة الحميدة، ويدخل فيه السائل دخولا أولياً وإيراد الحديث في هذا الباب لمناسبة التعليم الفعلي؛ لأن التعليم أعم من أن يكون فعلياً أو قولياً.
الحديث الثالث عشر عن جرير: قوله: ((مجتابي)) هو بالجيم وبعد الألف باء موحدة. و ((النمار)) جمع نمرة، وهي كساء من صوف مخطط. ومعنى مجتابيها لابسوها، وقد خرقوها في رءوسهم، والعطف في ((بل كلهم)) للحصر، وهو من قصر الموصوف على الصفة، أي لا يتجاوز عن مضر إلى غيرهم. وكذا العطف في (بل قد عجزت)، وفائدته التأكيد، ورفع توهم التجوز. ((نه)): (التعمر) التغير، وأصله قلة النضارة وعدم إشراق اللون، من قولهم: مكان أمعر: إذا (كان) أحدب.
قوله:{خلقكم من نفس واحدة} هذا على تأويل أن يكون الخطاب بقوله: {يأيها الناس} للذين بعث إليهم رسول الله من مضر، وأراد بالتلاوة من هذه الآية قوله:{واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام}، أي اتقوا الله الذي خلقكم، واتقوا الله الذي تناشدون، واتقوا الأرحام فلا تقطعوها، وقد أذن عز وجل إذ قرن الأرحام باسمه أن صلتها منه بمكان ومنزلة عظيمة. وقوله:((والآية)) بالنصب عطف من حيث المعنى على قوله: {يأيها الناس اتقوا} على تأويل قال (بقرأ)، أي قرأ هذه الآية والآية التي في الحشر.
وقوله:((تصدق)) لعل الظاهر ليتصدق رجل، ولام الأمر [للغائب] محذوف، وجوزه ابن الأنباري، ونقل عن بعض أهل اللغة أن ((نبك)) في قوله: ((قف نبك)) مجزوم على تأويل [للغائب] قال: التقدير: قفا فلنبك.