أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)) متفق عليه.
٥٠٢٨ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تناجشوا ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً)). وفي رواية:((ولا تنافسوا)). متفق عليه.
ــ
باب ما ينهى عنه من التهاجر والتقاطع وإتباع العورات
الفصل الأول
الحديث الأول عن أبي أيوب رضي الله عنه: قوله: ((أخاه)) تخصيصه بالذكر إشعار بالعلية. والمراد به أخوة الإسلام، ويفهم منه أنه إن خالف هذه الشريطة وقطع هذه الرابطة جاز هجرانه فوق ثلاثة. ((نه)): يريد به أن الهجر ضد الوصل. يعني فيما يكون بين المسلمين من عتب وموجدة أو تقصير يقع في حقوق العشرة والصحبة دون ما كان من ذلك في جانب الدين؛ فإن هجرة أهل الأهواء والبدع دائمة على مر الأوقات ما لم يظهر منه التوبة والرجوع إلى الحق؛ فإنه صلى الله عليه وسلم لما خاف على كعب بن مالك وأصحاب النفاق، حين تخلفوا عن غزوة تبوك أمر بهجرانهم خمسين يوماً. وقد هجر نساءه شهراً وهجرت عائشة ابن الزبير مدة. وهجر جماعة من الصحابة جماعة منهم. وماتوا متهاجرين. ولعل أحد الأمرين منسوخ بالآخر. انتهى كلامه.
فإن قلت: ما موقع قوله: ((يلتقيان)) وموقع قوله: ((خيرهما))؟ قلت: الأولى بيانية استئنافية، بيان لكيفية الهجران، والثانية عطف على الأولى من حيث المعنى لما يفهم منها أن ذلك الفعل ليس بخير ويجوز أن يكون الأول حالا من فاعل ((يهجر)) ومفعوله معاً، نحو قول الشاعر:
متى ما نلتقي فردين ترجف ورانف أليتيك وتستطارا
وعلى هذا الثانية معطوفة على قوله:((لا يحل)).
الحديث الثاني عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((إياكم والظن))، ((قض)): التحذير عن الظن فيما يجب فيه القطع أو التحدث به مع الاستغناء عنه أو عما يظن كذبه. والتجسس بالجيم تعرف الخبر بتلطف، ومنه الجاسوس، وبالحاء تطلب الشيء بحاسة كاستراق السمع وإبصار الشيء خفية. وقيل: الأول التفحص عن عورات الناس وبواطن أمورهم بنفسه أو بغيره. والثاني أن يتولى ذلك بنفسه. وقيل: الأول مخصوص بالشر والثاني يعم الخير والشر.
والتناجش أن يزيد هذا على ذاك وذلك على هذا في البيع، والنجش دفع الثمن، وقيل: المراد في الحديث: النهي عن إغراء بعضهم بعضا على الشر والخصومة. والتدابر والتقاطع،