٢١٢ - عن كثير بين قيس، قال: كنت جالساً مع أبي الدرداء في مسجد دمشق، فجاء رجل فقال: يا أبا الدرداء! إني جئتك من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جئت لحاجة. قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سلك الله
ــ
وسببه أن قابيل قتل أخاه هابيل حين أوحى الله تعالى إلى آدم أن يزوج [كلا] من البطنين توأم الآخر، وكانت توأم قابيل أجمل، فحسد عليها أخاه هابيل، فقتله، وهما أول قاتل ومقتول من بني آدم.
الفصل الثاني
الحديث الأول عن كثير: قوله: ((ما جئت لحاجة)) أي حاجة أخرى غير أن أسمع منك الحديث، وتحديث أبي الدرداء بما حدثه يحتمل أن يكون مطلوب الرجل بعينه، أو يكون بيان أن سعيه مشكور عند الله، ومطلبه من أسنى المطالب، ولم يذكر هنا ما هو مطلوبه، والأول أغرب وأقرب. وإنما أطلق الطريق والعلم ليشملا ي جنسها أي طريق كان، من مفارقة الأوطان، والضرب في البلدان إلى غير ذلك كما سبق، و ((علماً)) أي علم كان من علوم الدين، قليلاً كان أو كثيراً، رفيعاً أو غير رفيع.
وقيد ((طريقاً)) بقوله: ((من طرق الجنة)) ليشير إلى أنه تعالى يوفقه للأعمال الصالحة، فيوصله بها إلى الجنة، ويسهل عليه ما يزيد به علمه؛ لأنه أيضاً طريق من طرق الجنة، بل هو أقربها وأعظمها؛ لأن صحة الأعمال وقبولها متوقفة على العلم. والضمير المجرور في ((به)) عائد إلى ((من))، والباء للتعدية، أي يوفقه أن يسلك طريق الجنة. ويجوز أن يرجع الضمير إلى العلم، والباء للسببية، ويكون سلك بمعنى سهل، والعائد إلى ((من)) محذوف، والمعنى سهل الله له بسبب العلم طريقاً من طرق الجنة، فعلى الوجه الأول ((سلك)) من السلوك، فعدي بالباء، وعلى الثاني من السلك، والمفعول محذوف، كقوله تعالى:((يسلكه عذاباً صعداً)) قيل: عذاباً مفعول ثان. وعلى التقديرين نسبة سلك إلى الله تعالى على طريق المشاكلة، ((وإن الملائكة ...)) جملة معطوفة على الجملة الشرطية، وكذا الجمل الآتية المصدرة بـ ((إن)) على سبيل الترقي.
ووضع الأجنحة يحتمل أن يكون حقيقة وإن لم يشاهد، أي بكف أجنحتها عن الطيران، وتنزل لسماع الذكر، كما ورد:((إلا ونزلت عليهم بالسكينة، وحفت بهم الملائكة)) وأن يكون