٥٠٨٤ - وعن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أخبركم بمن يحرم على النار وبمن تحرم النار عليه! على كل هين لين قريب سهل)). رواه أحمد، والترمذي وقال: هذا حديث حسن غريب. [٥٠٨٤]
٥٠٨٥ - وعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:((المؤمن غر كريم، والفاجر خب لئيم)). رواه أحمد، والترمذي، وأبو داود. [٥٠٨٥]
ــ
بالسواد لا بغيره، وحب الدنيا أثر السرور بها في القلب، فلا جرم كفارته كل أذى يصيب المسلم من الهم والغم.
الحديث التاسع عن عبد الله رضي الله عنه: قوله: ((على كل هين لين)) هذا جواب عن السؤالين، والجواب الظاهر عنهما: كل هين لين، ثم في الدرجة الثانية أن يقال عن الأول: يحرم على النار كل هين لين، وعلى الثاني: تحرم النار على كل هين لين. فأتى بجواب موجز يدل عليهما بالتفصيل، ولو أتى به كما يقتضيه الظاهر وهو قوله:((كل هين لين)) لم يدل على التفصيل.
الحديث العاشر عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((غر)) ((نه)): أي ليس بذي مكر فهو ينخذع لانقياده ولينه وهو ضد الخب. يقال: فتى غر وفتاة وقد غررت تغر غرارة، يريد أن المؤمن المحمود من طبعه الغرارة، وقلة الفطنة للشر، وترك البحث عنه. وليس ذلك منه جهلا ولكنه كرم وحسن خلق. انتهى كلامه. قال الفرزدق:
واستمطروا من قريش كل منخدع إن الكريم إذا خادعته انخدعا
وقيل: هم الذين لم يجربوا الأمور فهم قليلوا الشر منقادون! فإن من آثر الخمول وإصلاح نفسه والتزود لمعاده ونبذ أمور الدنيا، فليس غراً فيما قصده ولا مذموماً بنوع من الذم، والأول هو الوجه لما سبق في قوله صلى الله عليه وسلم:((المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين)) لأن المؤمن قد ينخدع تارة في مقام اللين والعطف مع الأحباب وقد لا ينخدع مع الأغيار.
وروى: أن ابن عمر رضي الله عنهما كلما صلى عبد له أعتقه. فقيل له فقال: من خادعنا بالله ننخدع. ولفظ الحديث أيضا يساعده: لأنه صلى الله عليه وسلم لما وصفه بالغرر أي الوصف غير كامل، فكمله بقوله:((كريم))! لئلا يتوهم فيه ذلك نقصا، و ((الخب)) - بالفتح- الخداع، وهو الجريز الذي يسعى بين الناس بالفساد. يقال: رجل خب وامرأته خبة، وقد تكسر خاؤه. وأما المصدر فبالكسر لا غير.