للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٠٨٦ - وعن مكحول، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المؤمنون هينون لينون كالجمل الآنف إن قيد انقاد، وإن أنيخ على صخرة استناخ)). رواه الترمذي مرسلاً [٥٠٨٦]

٥٠٨٧ - وعن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((المسلم الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم)). رواه الترمذي، وابن ماجه. [٥٠٨٧]

ــ

الحديث الحادي عشر عن مكحول رضي الله عنه: قوله: ((هينون لينون)). ((نه)): هما تخفيف الهين واللين. قال ابن الأعرابي: العرب تمدح بـ ((الهين واللين)) مخففين وتذم بهما مثقلين. وهين فيعل من الهون، وهو السكينة والوقار والسهولة، فعينة واو، وشيء هين أي سهل.

وقوله: ((كالجمل الآنف)) أي المأنوف، وهو الذي عقر الخشاش أنفه فهو لا يمتنع على قائده للوجع الذي به. وقيل: الآنف الذلول، يقال: أنف البعير يأنف أنفا فهو آنف إذا اشتكى أنفه من الخشاش. والخشاش بالكسر خشب يدخل في أنف البعير. وكان الأصل أن يقال: مأنوف! لأنه مفعول به، كما يقال: مصدور ومبطون للذي يشتكي صدره وبطنه، وإنما جاء هذا شاذاً ويروي: ((كالجمل الآنف)) بالمد وهو بمعناه.

((فا)): والمحذوفة من يائي ((هين ولين)) الأولى، وقيل: الثانية. والكاف مرفوعة المحل على أنها خبر ثالث، والمعنى أن كل واحد منهم كالجمل الآنف ويجوز أن ينتصب محلها على أنها صفة لمصدر محذوف، تقديره: لينون لينا مثل لين الجمل الآنف.

((حس)): معنى الحديث أن المؤمن شديد الانقياد للشارع في أوامره ونواهيه. وفي قوله: ((وإن أنيخ على صخرة استناخ)) إيذان بكثرة تحمل المشاق؛ لأن الإناخة على الصخرة شاقة. أقول: أشار إلى أنه من باب التتميم كقول امرئ القيس:

حملت ردينيا كأن سنانه سنا لهب لم يتصل بدخان

فإن النار الشاعلة إذا لم يتصل بها دخان، كانت أشد تقوياً، ولعمري هذا غاية في التواضع وخفض الجناح المعنى بقوله تعالى: {واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين} والذلة في قوله: {أذلة على المؤمنين}

الحديث الثاني عشر عن ابن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((أفضل من الذي لا يخالطهم))

<<  <  ج: ص:  >  >>