للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع)) رواه أحمد، والترمذي. [٥١١٤]

٥١١٥ - وعن أسماء بنت عميس، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((بئس العبد عبد تخيل واختال، ونسى الكبير المتعال، بئس العبد عبد تجبر واعتدى، ونسى الجبار الأعلى، بئس العبد عبد سهى ولهى، ونسى المقابر والبلى، بئس العبد عبد عتى وطغى، ونسى المبتدأ والمتنهى، بئس العبد عبد يختل الدنيا بالدين. بئس العبد عبد يختل الدين بالشبهات، بئس العبد عبد طمع يقوده، بئس العبد عبد هوى يضله،

ــ

بالقعود والاضطجاع لئلا يحصل منه في حال غضبه ما يندم عليه؛ فإن المضطجع أبعد من الحركة والبطش من القاعدة، والقاعدة من القائم.

أقول: لعله أراد به التواضع والخفض؛ لأن الغضب منشأه التكبر والترفع.

الحديث الخامس عن أسماء رضي الله عنها: قوله: ((تخيل واختال)) ((تو)): أي تخيل له أنه خير من غيره. ((واختال)) أي تكبر. ((نه)): الكبير: العظيم ذو الكبرياء. وقيل: المتعالي عن صفات الخلق. وقيل: المتكبر على عتاة خلقه و ((المتعالي)) الذي جل عن إفك المفترين وعلا شأنه. وقيل: جل عن كل وصف وثناء وهو متفاعل من العلو، وقد يكون بمعنى العالي. ((مظ)): ((سهى)) أي في أمور الدين و ((لهى)) أي اشتغل بغيرها مما لا يعنيه. ((نه)): ((العتو)): التجبر والتكبر. و ((طغى)): جاوز القدر في الشر, قوله: ((ونسى المبتدأ والمنتهى:. ((شف)): أي نسى ابتداء خلقه، وهو كونه نطفة، وانتهاء حاله الذي يؤول إليه، وهو صيرورته تراباً، أي من كان ذلك ابتداؤه ويكون انتهاؤه هذا، جدير بأن يطيع الله تعالى في وسط الحالين وهو صار عليه في الأحوال الثلاث التي هي المبتدأ والمنتهى والوسط، ولا يعتو ولا يطغى عليه.

قوله: ((يختل الدنيا)) ((نه)): أي يطلب الدنيا بعمل الآخرة. يقال: ختله يختله إذا خدعه وراوغه، وختل الذئب الصيد إذا تخفي له. ((مح)): ختل الصائد إذا مشى للصيد قليلاً قليلا لئلا يحس به. شبه فعل من يرى ورعا وديناً ليتوسل به إلى المطالب الدنيوية بختل الذئب للصائد. قوله: ((عبد طمع يقوده)) ((شف)): كأنه من كثرة الطمع والهوى اللازمين للعبد وشدة اتصالهما به أطلق نفس الطمع والهوى عليه وإن كانا قائمين به. وتقديره: ذو طمع يقوده، وذو هوى يضله، ويمكن أن يجعل قوله: ((طمع)) فاعل ((يقوده)) و ((هوى)) فاعل ((يضله)) مقدمين على فعلهما على مذهب الكوفيين. قال الشاعر:

<<  <  ج: ص:  >  >>