٥١٣٠ - وعن معاوية، أنه كتب إلى عائشة [رضي الله عنها] أن اكتبي إلى كتاباً توصيني فيه ولا تكثري. فكتبت: سلام عليك؛ أما بعد: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من التمس رضي الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس، ومن التمس رضي الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس)) والسلام عليك. رواه الترمذي. [٥١٣٠]
الفصل الثالث
٥١٣١ - عن ابن مسعود، قال لما نزلت:{الذين آمنوا ولم يلبسوا إيماهم بظلم} شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: يا رسول الله: أينا لم يظلم نفسه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((ليس ذاك، إنما هو الشكر، ألم تسمعوا قول لقمان لابنه:{يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم})). وفي رواية:((ليس هو كما تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه)) متفق عليه.
ــ
ومعنى الحديث: أوجبوا على أنفسكم الإحسان بأن تجعلوها وطناً للإحسان. فعلى هذا ((أن تحسنوا)) متعلق بقوله: ((وطنوا)) وجواب الشرط محذوف، يدل عليه ((أن تحسنوا)) والتقدير" وطنوا أنفسكم على الإحسان، إن أحسن الناس تحسنوا، وإن أساءوا فلا تظلموا؛ لأن عدم الظلم إحسان.
الحديث الثاني عن معاوية رضي الله عنه: قوله: ((وكله الله)) ((مظ)): يعني إذا عرض له أمر في فعله رضي الله عنه وغضب الناس أو عكسه. فإن فعل الأول رضي الله عنه ودفع عنه شر الناس، وإن فعل الثاني وكله إلى الناس، يعني سلط الله الناس عليه حتى يؤذوه ويظلموا عليه ولم يدفع عنه شرهم. ((نه)): يقال: وكلت أمري إلى فلان أي ألجأته إليه واعتمدت فيه عليه.
الفصل الثالث
الحديث الأول عن ابن مسعود رضي الله عنه: قوله: ((أينا لم يظلم نفسه؟)) فهموا من معنى اللبس أن المراد من الظلم المعصية؛ لأن لفظ اللبس يأبى أن يراد به الشرك، فالمعنى لم يخلطوا إيمانهم بمعصية تفسقهم، كذا في الكشاف. وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:((ليس ذاك)) معناه: ليس كما تعتقدون أن اللبس يقتضي الخلط، ولا يتصور خلط الشرك بالإيمان، بل هو واقع كمن يؤمن بالله ويشرك في عبادته غيره. وإليه الإشارة بقوله تعالى:{وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون}.