السماء خبزاً ولحماً، وأمروا أن لا يخونوا ولا يدخروا لغد، فخانوا وادخروا ورفعوا لغد، فمسخوا قردة وخنازير)). رواه الترمذي. [٥١٥٠]
الفصل الثالث
٥١٥١ - عن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه تصيب أمتي في آخر الزمان من سلطانهم شدائد، لا ينجو منه إلا رجل عرف دين الله، فجاهد عليه بلسانه ويده وقلبه، فذلك الذي سبقت له السوابق؛ ورجل عرف دين الله، فصدق به، ورجل عرف دين الله فسكت عليه، فإن رأي من يعمل الخير أحبه عليه، وإن رأي من يعمل بباطل أبغضه عليه، فذلك ينجو على إبطانه كله)).
ــ
تمييز نحو قوله:[راقود خلا]. وقوله:((قردة وخنازير)) حالان مقدرتان. كقوله تعالى:{وتنحتون من الجبال بيوتا}
الفصل الثالث
الحديث الأول عن عمر رضي الله عنه: قوله: ((لا ينجو منه)) الضمير يجوز أن يعود إلى ((السلطان)) أو يحمل على أنه واقع موقع اسم الإشارة، ويعود إلى (شدائد)) باعتبار المذكور، أو المنكر وهو الشدائد. وقوله:((لا ينجو)) على الأول استئناف، وعلى الثاني صفة قوله:((شدائد)). ((السوابق)) جمع سابقة وهي الخصلة المفضلة إما السعادة وإما البشرى بالثواب من عند الله، وإما التوفيق للطاعة كقوله تعالى:{إن الذين سبقت لهم منا الحسنى}.
وقوله:((عرف دين الله فجاهد عليه ...)) إلى آخر الحديث هو من باب التقسيم الحاصر؛ لأن الناهي عن المنكر إما سابق وإما مقتصد أو دونهما. فالفاءات في قوله:((فجاهد، فصدق، فسكت)) مسببات عن العرفان، فمعنى الأول: من عرف دين الله حق معرفته وتصلب في دينه فبذل جهده في المجاهدة بلسانه ويده وقلبه. ومعنى الثالث: من عرف دين الله أدنى معرفة سكت، فلم يجهد فيه إلا على قدر إيمانه. وذلك بالكراهة بالقلب. وهو المراد من قوله في الحديث الآخر:((وذلك أضعف الإيمان)) فيبقى قوله: ((فصدق به)) في درجة المقتصد فينبغي أن يفسر بما هو دون الأولى وفوق الثالثة، وهو أن يجاهد بلسانه وقلبه. والتصديق يستعمل حقيقة في اللسان مجازا في العمل، فتصديقه هنا معبر عن دفع المنكر بلسانه وقلبه. وقوله:((على إبطانه كله)) أي إبطان محبة الخير في قلبه. وإبطان بغض الباطل في قلبه.