٥١٦٤ - وعن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً)). وفي رواية:((كفافاً)). متفق عليه.
٥١٦٥ - وعن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قد أفلح من أسلم، ورزق كفافاً، وقنعه الله بما آتاه)). رواه مسلم.
ــ
((نه)): التنافس من المنافسة وهي الرغبة في الشيء والانفراد به، وهو من الشيء النفيس الجيد في نوعه. ونافست في الشيء منافسة ونفاسا إذا رغبت فيه، ونفس بالضم نفاسه أي صار مرغوباً فيه، ونفست به الكسر أي بخلت به. انتهى كلامه.
وحذف إحدى التائين من قوله:((فتنافسوها)) تخفيفاً والضمير في ((تنافسوها)) منصوب بنزع الخافض، وأصله تنافسوا فيها، ومعناه: ترغبون فيها فتشتغلون بجمعها أو تحرصون على إمساكها فتطغون فيها فتهلكون؛ قال الله تعالى:{إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى} ويحتمل أن يكون هلاكهم من أجل أن المال مرغوب فيه فيطمع الناس فيه، ويتوقعون منه فمنعه منهم، فتقع العداوة بينهم ويفضي ذلك إلى المقاتلة.
الحديث العاشر عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((كفافاً))، ((نه)): الكفاف هو الذي لا يفضل عن الشيء ويكون بقدر الحاجة إليه.
أقول: هذه الرواية مفسرة للرواية الأولى؛ لأن القوت ما يسد به الرمق. قيل: سمي قوتا لحصول القوة منه، سلك صلى الله عليه وسلم طريق الاقتصاد المحمود، فإن كثرة المال تلهي وقلته تنسي، فما قل منه وكفي خير مما كثر وألهى.
وفي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إرشاد لأمته كل الإرشاد إلى أن الزيادة على الكفاف، لا ينبغي أن يتعب الرجل في طلبه؛ لأنه لا خير فيه. وحكم الكفاف يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال، فمنهم من يعتاد قلة الأكل، حتى إنه يأكل في كل أسبوع مرة، فكفافه وقوته تلك المرة في كل أسبوع. ومنهم من يعتاد الأكل في كل يوم مرة أو مرتين فكفافة ذلك أيضاً؛ لأنه إن ترك أضره ذلك ولم يقو على الطاعة. ومنهم من يكون كثير العيال فكفافه ما يسد رمق عياله. ومنهم من يقل عياله فلا يحتاج إلى طلب الزيادة وكثرة الاشتغال. فإذن قدر الكفاف غير مقدار ومقداره غير معين، إلا أن المحمود ما به القوة على الطاعة والاشتغال به على قدر الحاجة.
الحديث الحادي عشر عن عبد الله رضي الله عنه: قوله: ((قنعه الله)) قيل: أي جعله قانعاً بما أعطاه إياه ولم يطلب الزيادة لمعرفته، بأن رزقه مقسوم لن يعدو ما قدر له.