٥١٦٦ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقول العبد: مالي مالي. وإن ما له من ماله ثلاث: ما أكل فأفنى، أو لبس فأبلى، أو أعطى فاقتنى وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس)). رواه مسلم.
٥١٦٧ - وعن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يتبع الميت ثلاثة: فيرجع اثنان، ويبقى معه واحد، يتبعه أهله وماله وعمله، فيرجع أهله وماله، ويبقى عمله)). متفق عليه.
ــ
أقول: الفلاح هو الفوز بالبغية في الدارين والحديث قد جمع بينهما. والمراد بالرزق الحلال منه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم مدح المرزوق وأثبت له الفلاح. وذكر أمرين وقيد الثاني بـ ((قنع)) ي رزق كفافا وقنعه الله بالكفاف فلم يطلب الزيادة، وأطلق الأول: ليشتمل جميع ما هو الإسلام متناول له، كما قال الله تعالى لإبراهيم عليه السلام:{أسلم قال أسلمت لرب العالمين}.
((غب)): والإسلام في الشرع على ضربين: أحدهما: دون الإيمان وهو الاعتراف باللسان، وبه يحقن الدم حصل معه الاعتقاد أو يحصل. والثاني: فوق الإيمان وهو أن يكون مع الاعتراف اعتقاد بالقلب ووفاء بالفعل، واستسلام لله تعالى في جميع ما قضى وقدر كما ذكر عن إبراهيم عليه السلام في قوله تعالى:{إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين} انتهى كلامه. والحديث كما ترى جامع للحسنيين حاو لنعمة الدارين، فحقيق بأنه قال: إنه من الجوامع.
الحديث الثاني عشر عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((وإن ما له من ماله)) ما)) الأولى موصولة و ((له)) صلته و ((من ماله)) متعلق بالصلة، و ((ثلاث)) خبر، وإنما أنثه على تأويل المنافع. و ((اقتنى)) أي أعطى الله تعالى وتصدق به فيكون ذخيرة له ليوم القيامة؛ قال تعالى:{ما عندكم ينفد وما عند الله باق}.
الحديث الثالث عشر عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((يتبعه أهله وماله)) ((مظ)): أراد بعض ماله وهو مماليكه. أقول: متابعة الأهل على الحقيقة. وأما متابعة المال والعمل فعلى الاتساع؛ فإن المال حينئذ له نوع تعلق بالميت، من التجهيز والتكفين ومؤنة الغسل والحمل والدفن، فإذا دفن انقطاع تعلقه بالكلية.