للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٥١٧٦ - وعنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا إن الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه، وعالم أو متعلم)). [٥١٧٦] رواه الترمذي، وابن ماجه.

ــ

((نه)): ((المجهز)) هو السريع يقال: أجهز على الجريح يجهز إذا أسرع قتله. ((قض)): الموت المجهز المسرع يريد به الفجاءة ونحوها مما لم يكن بسبب مرض أو كبر سن، كقتل وغرق وهدم. ((والساعة أدهى)) أي أشد الدواهي وأفظعها من قولهم: دهته الداهية وهو الأمر المنكر الذي لا يهتدي لدوائه، وأمر من جميع ما يكابده الإنسان في الدنيا من الشدائد لمن غفل عن أمرها، ولم يعد ها قبل حلولها. قوله: ((فالدجال)) الفاء تفسيريه؛ لأنه فسر ما أبهم فيما سبق. والواو في ((والساعة)) نائبة مناب الفاء لملابسة العطف.

الحديث الخامس عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((وما والاه)) ((مظ)): أي يحبه الله في الدنيا. والموالاة المحبة بين اثنين. وقد تكون من واحد وهو المراد هاهنا، يعني ملعون ما في الدنيا إلا ذكر الله وما أحبه الله مما يجري في الدنيا، وما سواه ملعون. ((شف)): هو من الموالاة وهي المتابعة. ويجوز أن يراد بما يوالي ذكر الله تعالى، طاعته وإتباع أمره واجتناب نهيه؛ لأن ذكر الله يقتضي ذلك. وقوله: ((وعالم أو متعلم)) في أكثر النسخ مرفوع واللهجة العربية تقتضي أن يكون عطفاً على ((ذكر الله)) فإنه منصوب مستثنى من الموجب.

أقول: هو في جامع الترمذي هكذا: ((وما والاه وعالم أو متعلم)) بالرفع. وكذا في جامع الأصول إلا أن بدل ((أو)) فيه ((الواو)). وفي سنن ابن ماجه: ((أو عالما أو متعلما)) بالنصب مع ((أو)) مكررا. والنصب في القرائن الثلاث هو الظاهر، والرفع فيها على التأويل. كأنه قيل: الدنيا مذمومة لا يحمد مما فيها إلا ذكر الله تعالى وعالم أو متعلم. ونظيره قوله تعالى: {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم} الكشاف: ضمن ((حافظون)) معنى النفي كما ضمن في فعلت، يعني ما طلبت منك إلا فعلت.

قال في مختصر الإحياء: الدنيا أدنى المنزلتين؛ ولذلك سميت دنيا، وهي معبرة إلى الآخرة. والمهد هو الميل الأول واللحد هو الميل الثاني، وبينهما مسافة هي القنطرة. وهي عبارة عن أعيان موجودة، للإنسان فيها حظ، وله في إصلاحها شغل. ويعني بـ ((الأعيان)) الأرض وما عليها من النبات والحيوان والمعادن. ويعني بالحظ حبها فيندرج فيه جميع المهلكات الباطنة كالرياء والحقد وغيرهما، ونعني بقولنا: له في إصلاحها شغل، أنه يصلحها

<<  <  ج: ص:  >  >>