٥١٧٧ - وعن سهل بن سعد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة، ما سقى كافراً منها شربة)) رواه أحمد، والترمذي، وابن ماجه. [٥١٧٧]
٥١٧٨ - وعن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تتخذوا الضيعة فترغبوا في الدنيا)) رواه الترمذي، والبيهقي في ((شعب الإيمان)). [٥١٧٨]
ــ
لحظ له أو لغيره دنيوي أو أخروي، فتندرج فيه الحرف والصناعات. وإذا عرفت حقيقة الدنيا فدنياك ومالك، فيه لذة في العاجل. وهي مذمومة فليست وسائل العبادات من الدنيا كأكل الخبز مثلا للتقوى عليها. وإليها الإشارة بكون الدنيا مزرعة الآخرة، وبقوله صلى الله عليه وسلم:((الدنيا ملعونة وملعون ما فيها إلا ما كان لله منها)).
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: إن الله تعالى جعل الدنيا ثلاثة أجزاء: جزء للمؤمن وجزء للمنافق وجزء للكافر، فالمؤمن يتزود، والمنافق يتزين، والكفار يتمتع.
أقول: كان من حق الظاهر أن يكتفي بقوله: ((وما والاه)) لاحتوائه على جميع الخيرات والفاضلات ومستحسنات الشرع [ثم بينه] في المرتبة الثانية بقوله: ((والعلم)) تخصيصاً بعد التعميم دلالة على فضله، فعدل إلى قوله:((وعالم أو متعلم)) تفخيماً لشأنهما صريحاً، بخلاف ذلك التركيب؛ فإن دلالته عليه بالالتزام، وليؤذن أن جميع الناس سوى العالم والمتعلم همج، ولينبه على أن المعنى بالعالم والمتعلم العلماء بالله الجامعون بين العلم والعمل فيخرج منه الجهلاء والعالم الذي لا يعمل بعلمه، ومن يعلم علم الفضول وما لا يتعلق بالدين.
وفي الحديث أن ذكر الله تعالى رأس كل عبادة ورأس كل سعادة، بل هو كالحياة للأبدان والروح للإنسان. وهل للإنسان عن الحياة غنى؟ وهل له عن الروح معدل؟ وإن شئت قلت: به بقاء الدنيا وقيام السموات والأرض؛ روينا عن مسلم قال صلى الله عليه وسلم:((لا تقوم الساعة على أحد يقول الله الله)) فالحديث إذن من كنوز الحكم وجوامع الكلم التي خص بها هذا النبي المكرم صلوات الله على قائلها، لأنه دل بالمنطوق على جميع الخصال الحميدة وبالمفهوم على جميع رذائلها.
الحديث السادس عن سهل رضي الله عنه: قوله: ((جناح بعوضة)) مثل للقلة والحقارة، أي لو كان لها أدنى قدر ما متع الكافر منها أدنى تمتع.
الحديث السابع عن ابن مسعود رضي الله عنه: قوله: ((لا تتخذوا الضيعة))، ((نه)): ((الضيعة))