للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٥١٧٩ - وعن أبي موسى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أحب دنياه أضر بآخرته، ومن أحب آخرته أضر بدنياه، فآثروا ما يبقى على ما يفنى)) رواه أحمد، والبيهقي في ((شعب الإيمان)). [٥١٧٩]

٥١٨٠ - وعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لعن عبد الدينار، ولعن عبد الدرهم)) رواه الترمذي. [٥١٨٠]

٥١٨١ - وعن كعب بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما ذئبان جائعان

ــ

في الأصل المرة من الضياع. وضيعة الرجل ما يكون منه معاشه كالصنعة والتجارة والزراعة وغير ذلك. انتهى كلامه. والمعنى لا تتوغلوا في اتخاذ الضيعة فتتلوها به عن ذكر الله، قال تعالى: {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة}.

الحديث الثامن عن أبي موسى رضي الله عنه: قوله: ((أضر بآخرته)) الباء فيه للتعدية، وكذا في القرينة الأخرى، أي هما ككفتي ميزان، فإذا رجحت إحدى الكفتين خفت الأخرى وبالعكس؛ وذلك أن محبة الدنيا سبب لاشتغاله بها والانهماك فيها، وذلك سبب الاشتغال عن الآخرة فيخلو عن الذكر والفكر والطاعة، فيفوت الفوز بدرجاتها وثوابها وهو عين المضرة سوى ما يقاسيه من الخوف والحزن والغم والهم والتعب، في دفع الفساد وتجشم المصاعب في حفظ الأموال وكسبها.

الحديث التاسع والعاشر عن كعب رضي الله عنه: قوله: ((ما ذئبان جائعان)) ((ما)) بمعنى ليس، و ((ذئبان)) اسمها ((وجائعان)) صفة له، و ((أرسلا في غنم)) الجملة في محل الرفع على أنها صفة بعد صفة، وقوله: ((بأفسد)) خبر لـ ((ما)) والباء زائدة، وهو أفعل التفصيل أي بأشد إفساد، والضمير في ((لها)) لـ ((الغنم))، واعتبر فيه الجنسية؛ فلهذا أنث، وقوله: ((من حرص المرء)) هو المفضل عليه لاسم التفضيل، وقوله: ((على المال)) يتعلق بـ ((الحرص))، و ((الشرف)) عطف على ((المال)) والمراد به الجاه.

وقوله: ((لدينه)) اللام فيه بيان كما في قوله تعالى: {لمن أراد أن يتم الرضاعة} كأنه قيل: يرضعن لمن؟ قيل: لمن أراد أن يتم الرضاعة. وكذلك هنا، كأنه قيل: بأفسد لأي شيء؟ قيل: لدينه. ومعناه: ليس ذئبان جائعان أرسلا في جماعة من جنس الغنم بأشد إفساداً لتلك الغنم من حرص المرء على المال والجاه؛ فإن إفساده لدين المرء أشد من إفساد الذئبين

<<  <  ج: ص:  >  >>