٥١٩٣ - وعن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يتجشأ، فقال:((أقصر من جشائك، فإن أطول الناس جوعاً يوم القيامة أطولهم شبعاً في الدنيا)) رواه في ((شرح السنة)) وروى الترمذي نحوه. [٥١٩٣]
٥١٩٤ - وعن كعب بن عياض، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن لكل أمة فتنة، وفتنة أمتي المال)) رواه الترمذي. [٥١٩٤]
٥١٩٥ - وعن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:((يجاء بابن آدم يوم القيامة كأنه بذج، فيوقف بين يدي الله، فيقول له أعطيتك وخولتك وأنعمت عليك، فما صنعت؟ فيقول: يا رب! جمعته وثمرته وتركته أكثر ما كان، فارجعني آتك به كله.
ــ
وتاسعتها: خفة المؤونة؛ فإن من تعود قلة الأكل كفاه من المال قدر يسير.
وعاشرتها: أن يتمكن من الإيثر والتصدق بما فضل من الأطعمة على المساكين، فيكون في يوم القيامة في ظل صدقته، فما يأكله فخزانتها الكنيف، وما يتصدق به فخزانتها فضل الله تعالى.
الحديث الثاني والعشرون عن ابن عمرو رضي الله عنهما: قوله: ((رجلا يتجشأ))، ((تو)): الرجل هو وهب أو جحيفة السوائي، روى عنه: أنه قال: أكلت ثريدة بر بلحم، وأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أتجشأ .. وذكر الحديث. الاسم من التجشؤ الجشاءة على مثال الهمزة. قال الأصمعي: الجشاء على فعال كأنه من باب العطاس والدوار. وقوله:((أقصر عنا)) بقطع الألف، أي اكفف عنا. والنهي عن الجشأ هو النهي عن الشبع؛ فإنه هو السبب الجالب له.
الثالث والعشرون والرابع والعشرون عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((كأنه بذج)) ((نه)): هو ولد الضأن، وجمعه بذجان. ((فا)): هي كلمة فارسية تكلمت بها العرب وهي أضعف ما يكون من الحملان. ((حس)): شبه ابن آدم بالبذج لصغاره وصغره أي يكون حقيراً ذليلا.
((نه)): ((خولتك)) أي ملكتك. ((قض)): ((رب! جمعته وثمرته)) أي أنميته وكثرته؛ يقال: ثمر الله ماله إذا كثره. قوله:((فإذا عبد)) الفاء فيه فصيحة تدل على مقدر، و ((إذا)) للمفاجأة، و ((عبد)) خبر مبتدأ محذوف، أي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فظهر مما حكيت عن هذا الرجل أنه كان كعبد أعطاه سيده رأس مال ليتجر به ويربح، فلم يمتثل أمر سيده فأتلف رأس ماله بأن وضعه في غير موضعه، واتجر فيما لم يؤمر بالتجارة فيه، فإذا هو عبد خائب خاسر؛ قال تعالى: {أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت