للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وجه الله، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا؛ لم يجد عرف الجنة يوم القيامة)). يعني ريحها. رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه [٢٢٧].

ــ

عالم مثلكم، ويتكبر ويترفع على الناس، لذلك فهو مذموم كله، والوعيد مترتب عليه، ولا يستثنى منه. وأما المماراة والمجادلة قد يستثنى منهما كما في قوله تعالى: {فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهراً} أي لا تجادل أهل الكتاب في شأن أصحاب الكهف إلا جدالاً ظاهراً غير متعمق فيه، ولا تجهلهم ولا تعنف بهم في الرد عليهم، كما قال الله تعالى: {وجادلهم بالتي هي أحسن} أي بالطريقة التي هي أحسن طرق المجادلة، من الرفق واللين من غير فظاظة ولا تعنيف، والسفهاء خفاف الأحلام، فلا تجادلهم، ولا تقل لهم: أنا أعلم وأنتم السفهاء، فتثور الخصومة والشحناء.

ويفهم منه أن بعضاً من المراء محمود، وهو أن يمتري الأستاذ التلميذ، فينظر ما مقدار فهمه أو تحصيله، من المراء، وهو مسح الحالب الضر. ولعل منه سؤال جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم في حضور الصحابة ليريهم الله أنه صلى الله عليه وسلم ملئ من العلوم، وعلمه مأخوذ من الوحي، فيزيد رغبتهم ونشاطهم فيه، وهو المعنى بقوله: ((ليعلمكم أمر دينكم)) كما سبق. ((مظ)): ((أو يصرف به)) أي يطلب العلم على نية تحصيل المال والجاه، وصرف وجوه العوام إليه، وجعلهم إياه معقب القدم.

الحديث الثالث عشر عن أبي هريرة: قوله: ((عرضاً من الدنيا)) العرض متاح الدنيا وحطامها، ويقال: إن الدنيا عرض حاضر، يأكل منه البر والفاجر، ونكره ليتناول جميع أنواع الأعراض، ويندرج فيه قليله وكثيره.

قوله: ((لم يجد عرف الجنة)) ((تو)): قد حمل هذا المعنى على المبالغة في تحريم الجنة على المختص بهذا الوعيد، كقولك: ما شممت قتار قدره، للمبالغة في التبري عن تناول الطعام، أي ما شممت رائحتها، فكيف بالتناول عنها؟ وليس كذلك، فإن المتوعد به إذا كان من أهل الإيمان لابد أن يدخل الجنة، عرفنا ذلك بالنصوص الصحيحة، وذلك أنه مقيد بيوم القيامة، والناس أحوالهم فيه مختلفة، فإن الآمنين من الفزع الأكبر- خصوصاً العلماء الزاهدون- إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>