سبعون ألفا بغير حساب، هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون)). متفق عليه.
٥٢٩٦ - وعنه، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال: ((عرضت على الأمم فجعل يمر النبي ومعه الرجل، والنبي ومعه الرجلان، والنبي ومعه الرهط، والنبي وليس معه أحد، فرأيت سوادا كثيرا سد الأفق، فرجوت أن يكون أمتي. فقيل: هذا موسى في قومه، ثم قيل لي: انظر، فرأيت سوادا كثيرا سد الأفق، فقيل لي: انظر هكذا وهكذا، فرأيت سوادا كثيرا سد الأفق. فقيل: هؤلاء أمتك، ومع هؤلاء
ــ
التي يراد بها الاستيعاب، كقولهم: لا ينفع زيد ولا عمرو على معنى: لا ينفع إنسان ما. ((نه)): هذا من صفة الأولياء المعرضين عن أسباب الدنيا الذين لا يلتفتون إلى شيء من علائقها، وتلك درجة الخواص لا يبلغها غيرهم. وأما العوام فرخص لهم في التداوي والمعالجات. ومن صبر على البلاء وانتظر الفرج من الله تعالى بالدعاء، كان من جملة الخواص والأولياء، ومن لم يصبر رخص له في الرقية والعلاج والدواء، ألا ترى! أن الصديق رضي الله عنه لما تصدق بجميع ماله، لم ينكر عليه صلى الله عليه وسلم علما منه بيقينه وصبره. ولما أتاه الرجل بمثل بيضة الحمام من الذهب، وقال: لا أملك غيره، فضربه بحيث لو أصابه عقره، وقال فيه ما قال.
((مح)) قال المازرى: احتج بعضهم به على أن التداوي مكروه، ومعظم العلماء على خلاف ذلك، واحتجوا بالأحاديث الواردة في منافع الأدوية، وبأنه صلى الله عليه وسلم تداوى، وبأخبار عائشة رضي الله عنها عن كثرة تداويه بما علم من الاستشفاء برقاه. فإذا ثبت هذا حمل على ما في الحديث على قوم يعتقدون أن الأدوية نافعة بطبعها، ولا يفوضون الأمر إلى الله تعالى.
الحديث الثاني عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((يمر النبي)) التعريف فيه للجنس، وهو ما يعرفه كل أحد أنه ما هو، فهو بمنزلة النكرات. قوله: ومع هؤلاء سبعون ألفا قدامهم)) حال أي مقدمين عليهم. ((مح)): يحتمل هذا أن يكون معناه سبعون ألفا من أمتك غير هؤلاء وليسوا مع هؤلاء. وأن يكون معناه في جملتهم سبعون ألفا. ويؤيد هذا رواية البخاري:((هذه أمتك ويدخل الجنة من هؤلاء سبعون ألفا)).
قوله:((سبقك بها)) أي بتلك الدعوة. ((مح)): قال القاضي عياض: قيل: إن الرجل الثاني لم يكن ممن يستحق تلك المنزلة، ولا كان بصفة أهلها بخلاف عكاشة، وقيل: بل كان منافقا، فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بكلام محتمل، ولم ير صلى الله عليه وسلم التصريح له بأنك لست منهم: لما كان النبي صلى الله عليه وسلم عليه من حسن العشرة.