للمسلمين، ولزوم جماعتهم، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم)). رواه الشافعي والبيهقي في المدخل [٢٢٨].
ــ
كل أعمال صالحة- وبين الشفقة على خلق الله من النصيحة لهم إن كان فوقهم، ومن التبرك بدعائهم والانخراط في سلكهم وأداء حقوقهم إن كان دونهم. ولعل رواية ((يغل)) - بالضم- من الإغلال، يقال: غل شيئاً من المغنم غلولا، وأغل إغلالا، إذا أخذه في خفية- أرجح؛ لأن الخيانة في إخلاص العمل هي رؤية الغير، قال الله تعالى:{ول يشرك بعبادة ربه أحدا} وفي حق المسلمين ترك نصيحتهم وإرادة الخير لهم. فإن النصيحة حق لهم عليه، فإن تركها خانهم. وفي حق نفسه أن يحرمها من تركه دعاء المؤمنين، وإخراجه من زمرتهم، فيكون كالغنم القاضية عن القطيع متعرضاً لمكائد الشيطان وتسويله.
قوله:((فإن دعوتهم)) ((نه)): الدعوة المرة الواحدة من الدعاء، أي تحوطهم وتثبتهم وتحفظهم، يريد بهم أهل السنة والجماعة. وكلام صاحب النهاية يرشد إلى أن الصواب فتح ((من)) موصولاً مفعولاً لـ ((تحيط)). وقد يجوز أن يكون تقدير الكلام: فعليه أن يلزم الجماعة فإن دعوتهم تحيط من ورائهم.
قال محيي السنة: اختلف أهل العلم في نقل الحديث بالمعنى، فرخص فيه جماعة، قال واثلة ابن السقع: إذا حدثناكم بالحديث على معناه فحسبكم. وإليه ذهب الحسن، والشعبي، والنخعي. قال أيوب عن ابن سيرين: كنت أسمع الحديث من عشرة، واللفظ مختلف، والمعنى واحد. قال مجاهد: انقص من الحديث إن شئت ولا تزد فيه. قال سفيان الثوري: إن قلت: إني حدثتكم كما سمعت فلا تصدقوني، فإنما هو المعنى. وقال وكيع: إن لم يكن المعنى واسعاً فقد هلك الناس. وذهب قوم إلى إتباع اللفظ، منهم ابن عمر، وهو قول القاسم بن محمد، وابن سيرين، ورجاء بن حيوة، ومالك بن أنس، وابن عيينة، وعبد الوارث، ويزيد بن زريع، ووهيب، وبه قال أحمد، ويحيى.
قال محيي الدين النواوي: قال مسلم في حديث أبي معاوية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وفي حديث وكيع يرفعه. وهذا الذي فعله مسلم من احتياطه، ودقيق نظره، وغزير علمه، وثقوب فهمه، فإن أبا معاوية ووكيعاً اختلفت روايتهما، فقال أحدهما: قال أبو هريرة: قال رسول الله،