للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفصل الثالث

٥٣٢٧ - عن أبي تميمة، قال: شهدت صفوان وأصحابه وجندب يوصيهم، فقالوا: هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من سمع سمع الله به يوم القيامة، ومن شاق شق الله عليه يوم القيامة)) قولوا: أوصنا. فقال: إن أول ما ينتن من الإنسان بطنه، فمن استطاع أن لا يأكل إلا طيبا فليفعل، ومن استطاع أن لا يحول بينه وبين الجنة ملء كف من دم اهراقه فليفعل. رواه البخاري.

٥٣٢٨ - وعن عمر بن الخطاب، أنه خرج يوما إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد معاذ بن جبل قاعدا عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم يبكي، فقال: ما يبكيك؟ قال: يبكيني

ــ

ما يخرج من رؤوس الصديقين حب الرئاسة، وهو أعظم شبكة للشياطين، فإذا المحمود المخمول، إلا من شهره الله لنشر دينه من غير تكلف منه، كالأنبياء والخلفاء الراشدين، والعلماء المحققين والسلف الصالحين.

الفصل الثالث

الحديث الأول عن أبي تميمة: قوله: ((من شاق) أطلق ليشمل المشقة على نفسه وعلى الغير بأن يكلف نفسه أو غيره بما هو فوق طاقته، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك)) ((نه)): أي لولا أن أثقل عليهم، من المشقة وهي الشدة.

قوله: ((إن أول ما ينتن من الإنسان بطنه)) كناية عن مسه النار، وإنما يفتقر إلى هذا التأويل؛ ليطابق قوله: ((فمن استطاع أن لا يأكل إلا طيبا)) أي حلالا، ونظيره قوله تعالى: {إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليَتَامَى ظُلْمًا إنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} وعقب بقوله: {وسَيَصْلَوْنَ} قوله: {إنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ} [دلالة على أن أول ما يمس النار هو البطن]. وقوله: ((ملء كف من دم)) إنما قلله تسفيها لرأي من يرتكب هذا المحظور تهجينا لفعله؛ فإنه يفوت على نفسه الجنة التي عرضها السماوات والأرض بهذا الحقير.

الحديث الثاني عن عمر رضي الله عنه: قوله: ((لله وليا)) لا يجوز أن يكون نتعلقا بـ ((عادى)) فهو إما متعلق بقوله: ((وليا)) أو صفة له، قدم فصار حالا منه. وقوله: ((إن الله يحب الأبرار)).

استئناف مبين لحقيقة الولي، وذكر لهم أحوالا ثلاثة: إذا كانوا سفرا لم يتفقدوا، وإذا

<<  <  ج: ص:  >  >>