للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٣٤٠ - وعن أم العلاء الأنصارية، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والله لا أدري، والله لا أدري، وأنا رسول الله، ما يفعل بي ولا بكم)). رواه البخاري.

٥٣٤١ - وعن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عرضت علي النار، فرأيت فيها امرأة من بين إسرائيل تعذب في هرة لها، ربطتها لم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت جوعا، ورأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار، وكان أول من سيب السوائب)). رواه مسلم.

ــ

قال الشيخ أبو حامد: هذا الحديث من الأسرار التي أودعها قلب الأمين الصادق محمد صلى الله عليه وسلم، [ولا يجوز] إفشاء السر؛ فإن صدور الأحرار قبور الأسرار بل كان يذكر ذلك لهم حتى يبكوا ولا يضحكوا؛ فإن البكاء ثمرة شجرة حياة القلب الحي بذكر الله واستشعار عظمته وهيبته وجلاله، والضحك نتيجة القلب الغافل عن ذلك. فبالحقيقة حث الخلق على طلب القلب الحي والتعوذ من القلب الغافل. انتهى كلامه. وقوله: ((لبكيتم)) جواب القسم الساد مسد جواب ((لو)).

الحديث الثاني عن أم العلاء: قوله: ((لا أدري، وأنا رسول الله)) فيه وجوه:

أحدها: أن هذا القول منه حين قالت امرأة لعثمان بن مظعون – لما توفي -: هنيئا لك الجنة؛ زجرا لها على سوء الأدب بالحكم على الغيب، ونظيره قوله لعائشة رضي الله عنها حين سمعها تقول: طوبى لهذا، عصفور من عصافير الجنة: أو غير ذلك يا عائشة!.

وثانيها: أن يكون هذا منسوخا بقوله تعالى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ ومَا تَأَخَّرَ} كما ذكره ابن عباس في قوله تعالى: {ومَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي ولا بِكُمْ}.

وثالثها: أن يكون نفيا للدراية المفصلة دون المجملة.

ورابعها: أن يكون مخصوصا بالأمور الدنيوية من غير النظر إلى سبب ورود الحديث.

((تو)): لا يجوز حمل هذا الحديث وما ورد في معناه على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مترددا في عاقبة أمره، غير متيقن بماله عند الله من الحسنى؛ لما ورد عنه من الأحاديث الصحاح التي ينقطع العذر دونها بخلاف ذلك، وأنى يحمل على ذلك؟ وهو المخبر عن الله تعالى أنه يبلغه المقام المحمود، وأنه أكرم الخلائق على الله تعالى، وأنه أول شافع وأول مشفع.

الحديث الثالث عن جابر رضي الله عنه قوله: ((من خشاش الأرض)) ((نه)): أي هوامها

<<  <  ج: ص:  >  >>