للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذا الحديث. وفي كتاب ((الحميدي)) عن البخاري، وكذا في ((شرحه)) للخطابي: ((تروح عليهم سارحة لهم يأتيهم لحاجة)).

ــ

ألا هل أتاها والحوادث جمة بأن امرأ القيس بن نملك بيقرا

وأما نسبته إلى ((مسلم)) وأنه رواه في كتابه كذا فهو سهو منه؛ لأني ما وجدت الحديث في كتاب مسلم. فكيف؟ وقد أورده الحميدي في أفراد البخاري فحسب، وصاحب جامع الأصول رواه عن البخاري وأبي داود.

وأما قوله رابعا، وقد سقط منه كلمة ((عليهم)) فإني ما وجدت في الأصول هذه الكلمة ثابتة فإن قلت: كيف يكون نزول بعضهم إلى جنب علم، ورواح سارحتهم عليهم، ودفعهم [ذا] الحاجة بالمطل والتسويف، سببا لهذا العذاب الأليم والنكال الهائل؟. قلت: إنهم لما بالغوا في الشح والمنع بولغ في العذاب، وبيان ذلك أن في إيثار ذكر العلم على الجبل إيذانا بأن المكان مخصب ممرع ومقصد لذوي الحاجات، فيلزم منه أن يكونوا ذوي ثروة وموئلا للملهوفين. فكما دل خصوصية المكان على ذلك المعنى دل خصوصية الزمان في قوله: ((بروح عليهم سارحتهم)) وتعديته بـ ((على)) المنبهة بالاستعلاء على أن ثروتهم حينئذ أوفر وأظهر، وأن احتياج الواردين أشد؛ لأنهم أحوج [ما يكون] حينئذ.

وفي قولهم: ((ارجع إلينا غدا)) إدماج لمعنى الكذب، وخلف الموعد واستهزاء بالمطالب. فإذن يستأهلون أن يعذبوا بكل نكال، وإنما قلنا: إن العلم يدل على الشهرة والمقصد قول الخنساء في مدح أخيها:

كأنه علم في رأسه نار

نبهت به على أن أخاها مشهور معروف في ملجأ الملهوفين، ومأمن للمضطرين؛ فإن رواح السارحة دل على وفور الثروة وظهورها كقوله تعالى: {ولَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وحِينَ تَسْرَحُونَ}.

قال صاحب الكشاف: فإن قلت: لم قدمت الإراحة على التسريح؟ قلت: لأن الجمال في الإراحة أظهر إذا أقبلت ملاء البطون حافلة الضروع ثم أوت إلى الحظائر [وملجائه]. ((خط)): فيه بيان أن المسخ قد يكون في هذه الأمة، وكذلك الخسف كما كانا في سائر الأمم، خلاف قول من زعم أن ذلك لا يكون، إنما مسخها بقلوبها.

<<  <  ج: ص:  >  >>