للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلينا غدا، فيبيتهم الله، ويضع العلم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة)). رواه البخاري. وفي بعض نسخ ((المصابيح)): ((الحر)) بالحاء والراء المهملتين، وهو تصحيف، وإنما هو بالخاء والزاي المعجمتين، نص عليه الحميدي وابن الأثير في

ــ

أقول: أما قوله: أولا قد صحف .. إلخ. فجوابه ما ذكره الحميدي في الجمع بين الصحيحين في هذا الحديث بعد ما روى: ((يستحلون الخز)) بالخاء والزاي المعجمتين. قال: والذي ذكره أبو إسحاق الحربي في باب الحاء والراء ليس من هذا في شيء، إنما هو حديث آخر عن أبي ثعلبة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أول دينك نبوة ورحمة، ثم ملك ورحمة وخيرة، ثم ملك عض يستحل فيه المر والحرير))، يريد استحلال الحرام من الفروج. وهذا لا يتفق مع الذي أخرجه البخاري. وكذلك أخرجه أبو داود في السنن في كتاب اللباس في باب الخز ولباسه، وإنما ذكرنا ذلك لأن من الناس من يتوهم في ذلك شيئا فبيناه. وحديث أبي ثعلبة ليس من شرط الصحيح، تم كلامه. وقريب منه ما ذكره صاحب النهاية في باب الحاء والراء المهملتين.

وأما قوله ثانيا: والخز لم يحرم حتى يستح ... فجوابه ما ذكره ابن الأثير في النهاية في حديث علي: ((أنه نهى عن ركوب الخز والجلوس عليه)): الخز المعروف أولا أي في الزمان الأول ثياب تنسج من صوف وإبريسم وهي مباحة، وقد لبسها الصحابة والتابعون، فيكون النهي عنها لأجل التشبه بالعجم وزي المترفين. وإن أريد بالخز النوع الآخر، وهو المعروف الآن فهو حرام؛ لأن جميعه معمول من الإبريسم، وعليه يحمل الحديث الآخر يعني هذا الحديث: ((يستحلون الخز والحرير)). تم كلامه.

فإن قيل: كيف يعطف الحرير على الخز والأول مكروه والثاني حرام على المعنى الأول، وعلى الثاني يلزم عطف الشيء على نفسه أو كيف يحرم وإنه لم يكن مصطلحا حينئذ؟ والجواب عن الأول أنه صلى الله عليه وسلم ذهب إلى التغليب إرادة التغليظ. والجواب عن الثاني أنه عطف بيان كقول الحماسي:

الكاعب الحسناء ترفـ ـل في الدمقس وفي الحرير

فإن الدمقس هو الحرير وإنه إخبار عن الغيب وكان معجزة.

وأما قوله ثالثا: سقط منه فاعل ((يروح)) فالتبس المعنى، فجوابه أنه ما التبس منه بل رواه البخاري كما في المصابيح، ولكن الحميدي والخطابي وصاحب جامع الأصول ذكروا ((تروح عليهم سارحة)) بالتاء المقيدة بالنقطتين، ويرفع ((سارحة)) على الفاعلية فوجب أن يقال: إن الباء زائدة في الفاعل لتتفق الروايتان ويستقيم المعنى، ويستدل بهذه الرواية على أن الباء تزاد في الفاعل كما استدل بقول امرئ القيس:

<<  <  ج: ص:  >  >>