للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مرحومة، ليس عليها عذاب في الآخرة، عذابها في الدنيا: الفتن والزلازل والقتل)). رواه أبو داود. [٥٣٧٤]

٥٣٧٥ - ٥٣٧٦ - * وعن أبي عبيدة، ومعاذ بن جبل، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن هذا الأمر بدأ نبوة ورحمة، ثم يكون خلافة ورحمة، ثم ملكا عضوضا، ثم كائن جبرية وعتوا وفسادا في الأرض، يستحلون الحرير والفروج والخمور، يرزقون على ذلك وينصرون، حتى يلقوا الله)) رواه البيهقي في ((شعب الإيمان)). [٥٣٧٥ – ٥٣٧٦]

ــ

لأن مفهومه أن لا يعذب أحد من أمته صلى الله عليه وسلم، سواء فيه من ارتكب الكبائر وغيره وقد ورد الأحاديث بتعذيب مرتكبي الكبائر، اللهم إلا أن يؤول بأن المراد بـ ((الأمة)) هنا من اقتدى به صلى الله عليه وسلم كما ينبغي ويمتثل بما أمره الله به، وينتهي عما نهاه)).

أقول: الحديث وارد في مدح أمته صلى الله عليه وسلم واختصاصهم من بين سائر الأمم بعناية الله تعالى ورحمته عليهم، وأنهم إن أصيبوا بمصيبة في الدنيا حتى الشوكة يشاكها، أن الله يكفر بها في الآخرة ذنبا من ذنوبه وليست هذه الخاصية لسائر الأمم ويؤيده ذكر هذه وتعقيبها بقوله: ((مرحومة) فإنه يدل على مزيد تميزهم بعناية الله ورحمته كما في قول الشاعر:

هذا أبو الصقر فردا في محاسنه من نسل شيبان بين الضال والنمر

والذهاب إلى المثل المفهوم مهجور في مثل هذا المقام. وهذه الرحمة هي المشار إليها بقوله تعالى: {ورَحْمَتِي وسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} إلى قوله: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ} أراد موسى عليه السلام أن يخص هذه الرحمة بأمته، فأجابه تعالى بأنها مختصة بأمة النبي الأمي صلى الله عليه وسلم، وإن شئت فجرت ذهنك في الآيات لتقف على سر ما ذكرت.

الحديث الثاني عن أبي عبيدة رضي الله عنه: قوله: ((إن هذا الأمر)) هو ما بعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم من إصلاح الناس دينا ودنيا، كما قال صلى الله عليه وسلم: ((رأس الأمر الإسلام)). قوله: ((ملك عضوض)) ((نه)): أي يصيب الرعية فيه عسف وظلم، كأنهم يعضون فيه عضا، والعضوض من أبنية المبالغة. وقوله: ((جبرية)) أي قهر وعتو يقال: جبار بين الجبرية والجبروت.

<<  <  ج: ص:  >  >>