تمادت، يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً، حتى يصير الناس إلى فسطاطين: فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه. فإذا كان ذلك فانتظروا الدجال من يومه أو من غده)) رواه أبو داود. [٥٤٠٣]
٥٤٠٤ - وعن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((ويل للعرب من شر قد اقترب، أفلح من كف يده)). رواه أبو داود. [٥٤٠٤]
٥٤٠٥ - وعن المقداد بن الأسود، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن؛ ولمن ابتلي فصبر فواها)) رواه أبو داود. [٥٤٠٥]
ــ
ناقة غزا عليها سبعة إخوة، فقتلوا عن آخرهم وحملوا عليها .. حتى رجعت بهم، فصارت مثلا في كل داهية. واللطم هو الضرب بالكف.
أقول: وهو استعارة مكنية. شبه الفتنة بإنسان ثم خيل لإصابتها الناس اللطم الذي هو من لوازم المشبه به، وجعلها قرينة لها. و ((الفسطاط)) – بالضم والكسر – المدينة التي فيها مجتمع الناس، وكل مدينة فسطاط. وإضافة الفسطاط إلى الإيمان. إما بجعل المؤمنين نفس الإيمان مبالغة وإما بجعل الفسطاط مستعارا للكنف والوقاية على المصرحة. أي هم في كنف الإيمان ووقايته.
الحديث الثاني عشر عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله ((من شر قد اقترب)) أراد به الاختلاف الذي ظهر بين المسلمين، من وقعة عثمان رضي الله عنه وما وقع بين علي رضي الله عنه ومعاوية.
الحديث الثالث عشر عن المقداد رضي الله عنه قوله:((فواها)) اسم صوت وضع موضع المصدر وسد مسد فعله. ((نه)): قيل معنى هذا التلهف. وقد يوضع موضع الإعجاب بالشيء. يقال: واها له. وقد يرد بمعنى التوجع. وقيل: يقال في التوجع: آهاً له. انتهى كلامه.
ويجوز أن يكون ((فواهاً)) خبرا لـ ((من)) على أن اللام مكسورة، والفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط، فعلى هذا فيه معنى التعجب. أي من ابتلي وصبر فطوبى له، وأن لا يكون خبرا على أن اللام مفتوحة. ويكون قوله:((ولمن ابتلي)) عطفا على قوله ((لمن جنب الفتن)) فعلى هذا ((واها)) للتلهف والتحسر. أي فواها على ما باشرها وسعى فيها.