٥٤٣٠ - وعن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال:((دعوا الحبشة ما ودعوكم، واتركوا الترك ما تركوكم)). رواه أبو داود، والنسائي. [٥٤٣٠]
٥٤٣١ - وعن بريدة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث:((يقاتلكم قوم صغار الأعين)) يعني الترك. قال:((تسوقونهم ثلاث مرات حتى تحلقوهم بجزيرة العرب، فأما في
ــ
ويحتمل أن يكون الحديث: ((ما وادعوكم)) أي سالموكم فسقط الألف من قلم بعض الرواة.
أقول: لا افتقار إلى هذا الطعن مع وروده في التنزيل. الكشاف: في قوله تعالى: {مَا ودَّعَكَ رَبُّكَ} وقرئ بالتخفيف يعني ما تركك. قال:
ثم ودعنا آل عمرو وعامر فرائس أطراف المثقفة السمر
ولأن لفظ الازدواج ورد العجز على الصدر يجوز؛ لذلك جاء في كلامهم: إني لآتيه بالغدايا والعشايا. وقوله:((ارجعن مأزورات غير مأجورات)). ((مظ)): كلام النبي صلى الله عليه وسلم متبوع لا تابع بل فصحاء العرب عن آخرهم بالإضافة إليه بأقل. وأيضا فلغات العرب مختلفة، منهم من انقرض لغته. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بها. قال شمر: زعمت النحوية أن العرب أماتوا مصدره وماضيه. والنبي صلى الله عليه وسلم أفصح.
((خط)): اعلم أن الجمع بين قوله تعالى: {قَاتِلُوا المُشْرِكِينَ كَافَّةً} وبين هذا الحديث – أن الآية مطلقة والحديث مقيد. فيحمل المطلق على المقيد ويجعل الحديث مخصصا لعموم الآية كما خص ذلك في حق المجوس فإنهم كفرة. ومع ذلك أخذ منهم الجزية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:((سنوا بهم سنة أهل الكتاب)).
أقول: ويحتمل أن تكون الآية ناسخة للحديث لضعف الإسلام ثم قوته. وأما تخصيص الحبشة والترك بالترك والودع فلأن بلاد الحبشة وغيرها بين المسلمين وبينهم مهامة وقفار فلم يكلف المسلمين دخول ديارهم لكثرة التعب وعظم المشقة. وأما الترك فبأسهم شديد، وبلادهم باردة. والعرب وهم جند الإسلام كانوا من البلاد الحارة فلم يكلفهم دخول البلاد، فلهذين السرين خصصهم. وأما إذا دخلوا بلاد المسلمين قهرا – والعياذ بالله – فلا يجوز لأحد ترك القتال؛ لأن الجهاد في هذه الحالة فرض عين. وفي الحالة الأولى فرض كفاية.
الحديث الثامن عن بريدة رضي الله عنه: قوله: ((بجزيرة العرب)) قيل: هي اسم لبلاد العرب