٥٤٣٥ - عن شقيق، عن حذيفة، قال: كنا عند عمر فقال: أيكم يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة؟ فقلت: أنا أحفظ كما قال، قال: هات، إنك لجريء، وكيف؟ قال: قلت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ((فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وولده وجاره يكفرها الصيام والصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)). فقال عمر: ليس هذا أريد، إنما أريد التي تموج كموج البحر. قال: قلت: مالك ولها يا أمير المؤمنين؟ إن بينك وبينها باباً مغلقاً. قال: فيكسر الباب أو يفتح؟ قال: قلت: لا؛ بل يكسر. قال: ذاك أحرى أن لا يغلق أبداً. قال: فقلنا لحذيفة:
ــ
من الخلة وهي الحاجة. فسمى إبراهيم عليه السلام بذلك؛ لأنه قصر حاجته على ربه سبحانه وتعالى. وقيل: الخلة صفاء المودة التي توجب تخلل الأسرار، وقيل: معناها المحبة والإلطاف. هذا كلام القاضي.
وقال ابن الأنباري: الخليل معناه: المحب الكامل المحبة، والمحبوب الموفي بحقيقة المحبة التي ليس فيها نقص ولا خلل. قال الواحدي: هذا القول هو الاختيار لأن الله تعالى خليل إبراهيم وإبراهيم خليل الله. ولا يجوز أن يقال: الله تعالى خليل إبراهيم من الخلة التي هي الحاجة.
الفصل الثالث
الحديث الأول عن شقيق: قوله: ((كما قال)) صفة مصدر محذوف، أي أنا أحفظ قوله صلى الله عليه وسلم حفظا مماثلا لما قال. وقوله:((إنك لجريء)) من الجراءة الإقدام على الشيء. ومعناه أنك غير هائب وقد تجاسرت على ما لا أعرفه ولا يعرفه أصحابك. وادعيت أيضاً أنك عرفت صريح القول. ومن ثمة قال:((هات)). قوله:((وكيف؟ قال)) عطف على ((هات)) أي هات ما قال وبين كيفيته.
قوله:((ليس هذا أريد)) وذلك أن عمر رضي الله عنه لما سأل: أيكم يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة؟ واحتمل أن يراد الفتنة الاختبار والابتلاء كما في قوله تعالى:{ولَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الخَوْفِ والْجُوعِ ونَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ والأَنفُسِ والثَّمَرَاتِ وبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} وأن يراد بها الوقعة والقتال. وكان سؤاله عن الثاني قال: ليس هذا أريد. وإنما أنث عمر رضي الله عنه المشار إليه بعد ما ذكره باعتبار المذكور دلالة على فظاعة المشار إليه وأنها الداهية الدهماء.
قوله:((لا بل يكسر)). فإن قلت: كان يكفي في الجواب أن يقول: يكسر، فلم أتى بـ ((لا))