للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلى جنبكم قرية يقال لها: الأبلة؟ قلنا: نعم. قال: من يضمن لي منكم أن يصلي لي في مسجد العشار ركعتين أو أربعاً، ويقول؛ هذه لأبي هريرة؟ سمعت خليلي أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله عز وجل يبعث من مسجد العشار يوم القيامة شهداء لا يقوم مع شهداء بدر غيرهم)). رواه أبو داود وقال: هذا المسجد مما يلي النهر.

وسنذكر حديث أبي الدرداء: ((إن فسطاط المسلمين)) في باب: ((ذكر اليمن والشام))، إن شاء الله تعالى. [٥٤٣٤]

ــ

قوله: ((هذه لأبي هريرة)) أي يقول: هذه الصلاة لأبي هريرة. قيل: فإن قيل: الصلاة عبادة بدنية لا تقبل النيابة، فيما معنى قول أبي هريرة؟ قلنا: يحتمل أن يكون هذا مذهب أبي هريرة. قاس الصلاة على الحج وإن كان في الحج شائبة مالية. ويحتمل أن يكون معناه: ثواب هذه الصلاة لأبي هريرة؛ فإن ذلك جوزه بعضهم.

قوله: ((سمعت خليلي)) ((تو)): قد سبق منه هذا القول في عدة أحاديث. وكأنه قول لم يصدر عن روية، بل كان الباعث عليه ما عرف من قبله من صدق المحبة. ولو تدبر القول لم يلتبس عليه كون ذلك زائغا عن نهج الأدب. وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((لو كنت متخذا من الناس خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا)). قال صلى الله عليه وسلم: إني أبرأ إلى كل خليل من خلته فليس لأحد أن يدعى خلته مع براءته عن خلة كل خليل)).

أقول: لو تأمل حق التأمل ما ذهب إلى ما ذهب إليه؛ لأن المحب من فرط المحبة وصدق الوداد قد يرفع الاحتشام من البين، لاسيما إذا امتد زمان المفارقة على أنه نسب الخلة إلى جانبه لا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، لأنه رضي الله عنه مذ أسلم ما فارق حضرة الرسالة من شدة احتياجه وفاقته. والناس مشتغلون بتجاراتهم وزروعهم. وقيل: إن إبراهيم عليه السلام بعث إلى خليل له بمصر في أزمة أصابت الناس يمتار منه. فقال خليله: لو كان إبراهيم يطلب الميرة لنفسه لفعلت، ولكنه يريدها للأضياف، فاجتاز غلمانه ببطحاء لينة فملأوا منها الغرائر حياء من الناس. فلما أخبروه أساءه الخبر، فحملته عيناه، وعمدت امرأته إلى غرارة منها. فأخرجت أحسن حوراي واختبزت وتنبه فاشتم رائحة الخبز. فقال: من أين لكم هذه؟ فقالت امرأته: من خليلك المصري. فقال: بل من عند خليلي: الله، فسماه الله خليلا. هكذا ذكره في الشكاف. ((مح)): أصل الخلة الاختصاص والاستصفاء. وقيل: أصلها الانقطاع إلى من خاللت، مأخوذ

<<  <  ج: ص:  >  >>