٥٤٣٩ - وعن أبي هريرة، قال: بينما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحدث إذ جاء أعرابي فقال: متى الساعة؟ قال:((إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة)). قال: كيف إضاعتها؟ قال:((إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة)) رواه البخاري.
٥٤٤٠ - وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى يكثر المال ويفيض، حتى يخرج الرجل زكاة ماله فلا يجد أحداً يقبلها منه، وحتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً)). رواه مسلم. وفي رواية له: قال: ((تبلغ المساكن إهاب أو يهاب))
ــ
الجهل، وقلة العلم، والإتيان بالموضوعات من الأحاديث، وما يفترونه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويمكن أن يراد به أدعياء النبوة، كما كان في زمانه وبعد زمانه، وأن يراد بهم جماعة يدعون إلى أهواء فاسدة ويسندون البدع واعتقادهم الباطل إليه صلى الله عليه وسلم، كأهل البدع كلهم.
الحديث الثالث: عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((إذا ضيعت الأمانة)) ((قض)) أخرج الجوابين مخرج الاستئناف للتأكيد، ولأن السؤال الأول لما لم يكن مما يمكن أن يجيب عنه بجواب حقيقي يطابقه – لأن تأقيت الساعة غيب لا يعلمه ملك مقرب ولا نبي مرسل. عدل عن الجواب إلى ما ذكر ما يدل على المسئول عنه دلالة من أمارتها، وسلك في الجواب الثاني مسلك الأول لينتسق الكلام.
قوله:((إذا وسد الأمر إلى غير أهله)) معناه: أن يلي الأمر من ليس له بأهل فتلقى له أحد وسادة الملك، وأراد بالأمر الخلافة وما ينضم إليها من قضاة وإمارة ونحوهما. والوسد أحد من الوسائد، يقال: وسدته الشيء – بالتخفيف – فتوسده، إذا جعله تحت رأسه.
ولفظة ((إلي)) فيها إشكال، إذ كان من حقه أن يقال:((وسد الأمر لغير أهله)) فلعله أتى بها ليدل على إسناد الأمر إليه.
أقول: كان من حق الظاهر أن يكتفي في جواب السؤال الأول بقوله: ((إذا ضيعت الأمانة)) وأن يؤتي في السؤال الثاني بمتى ليطابق الجواب فزاد في الأول ((فانتظر)) لينبه على أن قوله: ((إذا ضيعت الأمانة)) ليس إبان الساعة بل من أماراتها فلا تكون ((إذا)) شرطية حينئذ.
وتأويل السؤال الثاني متى تضيع الأمانة؟ وكيف حصول التضييع؟ فقال:((إذا وسد الأمر)) فأطنب في الأول لإفادة معنى زائد، واختصر في الثاني لدلالة الكلام عليه تفنناً، وإنما دل ذلك على دنو الساعة لأن تغير الولاة وفسادهم مستلزم لتغير الرعية، وقد قيل:((الناس على دين ملوكهم)).
الحديث الرابع: عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((مروجاً)) النهاية: المرج الأرض