الأسطوانة من الذهب والفضة، فيجيء القاتل، فيقول: في هذا قتلت. ويجيء القاطع فيقول: في هذا قطعت رحمي. ويجيء السارق فيقول: في هذا قطعت يدي، ثم يدعونه، فلا يأخذون منه شيئاً)) رواه مسلم.
٥٤٤٥ - وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، لا تذهب الدنيا حتى يمر الرجل على القبر فيتمزع عليه، ويقول: ياليتني كنت مكان صاحب هذا القبر، وليس به الدين إلا البلاء)) رواه مسلم.
٥٤٤٦ - وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من ارض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى)) متفق عليه.
ــ
قوله:((أمثال الأسطوانة)) وشبهها بالأكباد حباً لأنها أحب ما هو مجني فيها، كما أن الكبد أطيب ما في بطن الجزور وأحبه إلى العرب، وبأفلاذها هيئة وشكلا كأنها قطع الكبد المقطوعة طولا، وقد حكي عن ابن الأعرابي أنه قال: الفلذة لا تكون إلا للبعير.
النهاية: سمى ما في بطن الأرض قطعاً تشبيهاً وتمثيلاً، واستعار القيء للإخراج.
أقول: قوله: ((أفلاذ كبدها)) استعارة مكنية مستلزمة للتخييلية، شبه الأرض بالحيوان ثم خيل لها ما يلازم الحيوان من الكبد، فأضاف إليها الكبد على التخييلية لتكون قرينة مانعة من ارداة الحقيقة، ثم فرع على الاستعارة القيء ترشيحا، وقوله:((هذا)) المشار إليه ليس عين ما قيل فيه، بل هو من جنسه: فيكون في الكلام تشبيه نحو قوله تعالى: {هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ} أي: مثل هذا.
الحديث التاسع: عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((الدين))، مظ: الدين هاهنا العادة، وليس في موضع الحال من الضمير في ((يتمرغ)) يعني: يتمرغ على رأس القبر ويتمنى الموت في حالة وليس التمرغ من عادته وإنما يحمله عليه البلاء.
أقول: ويجوز أن يحمل الدين على حقيقته، أي ليس ذلك التمرغ والتمني لأمر أصابه من جهة الدين لكن من جهة الدنيا، فيقيد ((البلاء)) المطلق بالدنيا بواسطة القرينة السابقة.
الحديث العاشر إلى الحادي عشر: عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((تضيء أعناق الإبل)) قال الشيخ محيي الدين: هكذا الرواية بنصب ((أعناق)) وهو مفعول ((تضيء)) يقال: أضاءت النار وأضاءت غيرها.