فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم، ويمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل، ثم يدعو رجلا ممتلئا شبابا، فيضربه بالسيف
ــ
بينها وبين المغرب، فصلوا المغرب، وكذا العشاء والصبح، ثم الظهر ثم العصر ثم المغرب، وكذا حتى ينقضي ذلك اليوم، وقد وقع فيه صلوات سنة فرائض مؤداة في وقتها. وأما الثاني الذي كشهر، والثالث الذي كجمعة، فيقاس على اليوم الأول في أنه يقدر لهما كاليوم الأول على ما ذكرنا. والله أعلم.
قوله:((أربعون يوما)) وفي رواية المالكي: ((أربعين يوما)) وقال: أضمر: ((يلبث)) ونصب به أربعين اكتفاء بالمعنى، ولو قصد تكميل المطابقة لقيل: اربعون يوما، بالرفع؛ لأن الاسم المستفهم به في موضع رفع.
أقول: الفرق بين الجوابين: أن الرفع يدل على أن الجواب لم يكن عن تفكر ورويه، فلما سألوا أطبق الجواب عليه، وأن النصب كان عن توقف وتفكر؛ حيث أنه كرر الفعل، ونحوه قوله تعالى:{قَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ} أي قال المشركون. و {قَالُوا خَيْرًا} أي المسلمون في جواب قوله: {مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ}.
قوله:((وما إسراعه)) لعلهم علموا أن له إسراعا في الأرض، فسألوا عن كيفيته كما كانوا عالمين بلبثه في الأرض فسألوا عن كميته بقولهم:((ما لبثه؟)) أي ما مدة لبثه؟. والمراد بالغيث هنا الغيم إطلاقا للمسبب على السبب. أي يسرع في الأرض إسراع الغيم إذا استدبرته الريح.
قوله:((فتروح عليهم سارحتهم)) أي ترجع آخر النهار. ((نه)): السارحة والسارح والسرح سواء الماشية، يقال: سرحت الماشية تسرح فهي سارحة، وسرحتها يتعدى ولا يتعدى. و ((ذري)) جمع ذروة وهي أعلى سنام البعير، وذروة كل شي أعلاه. و ((الخواصر جمع خاصرة، ومدها كناية عن الامتلاء وكثرة الأكل.
قوله: ((ممحلين)) ((تو)): أمحل القوم أصابهم المحل وهو انقطاع المطر ويبس الأرض من الكلأ. ((مح)): ((اليعاسيب)) ذكور النحل هكذا فسره ابن قتينة وآخرون. قال القاضي: المراد جماعة النحل لا ذكورها خاصة، لكنه كنى عن الجماعة باليعسوب وهو أميرها؛ لأنه متى طار اتبعته جماعته.
((شف)): معناه يتبع الدجال كنوز الأرض كما تتبع اليعسوب النحل، فقوله:((كاليعاسيب)) حال من الدجال، ويمكن أن يكون حالا من ((الكنوز)) أي كائنة كاليعاسيب، وهو كناية عن سرعة اتباعه، أي تتبعه الكنوز بالسرعة.