فيقطعه جزلتين رمية الغرض، ثم يدعوه، فيقبل ويتهلل وجهه بضحك، فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح بن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء، شرقي دمشق بين مهروذتين، واضعا كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدر منه مثل جمان كاللؤلؤ، فلا يحل لكافر يجد من ريح نفسه إلا مات، ونفسه ينتهي حيث
ــ
أقول: إذا كان قوله: ((كاليعاسيب)) حالا من الدجال فـ ((الخربة)) صفة البقاع، وإذا كان حالا من الكنوز فيجوز أن يكون الموصوف جمعا أو مفردا، و ((الممتلئ شبابا)) هو الذي يكون في غاية الشباب ونضرة مائه.
((مح)): ((جولتين)) هو بفتح الجيم على المشهور، وحكى ابن دريد كسرها، أي قطعتين. ويعني برمية الغرض أنه يجعل بين الجزلتين مقدار رمية الغرض، هذا هو الظاهر المشهور. وحكى القاضي هذا ثم قال: وعندي أن فيه تقديما وتأخيرا، وتقديره: فيصيبه إصابة رمية الغرض فيقطعه جزلتين، والصحيح الأول. ((تو)): أراد برمية الغرض إما سرعة نفوذ السيف فيه، وإما إصابة المحز.
أقول: يؤيد تأويل محيي الدين قوله في الحديث الذي يليه: ((ثم يمشي الدجال بين القطعتين.
قوله: ((يتهلل وجهه) أي يتلألأ ويضيء ويجيب ضاحكا بالدجال ويقول: كيف يصلح هذا إلها!. قوله:((بين مهروذتين)) ((مح)): روي بالدال المهملة، والذال المعجمة أكثر، والوجهان مشهوران للمتقدمين والمتأخرين, وأكثر ما يقع في النسخ بالمهملة، معناه: لابس ثوبين مصبوغين بورس ثم الزعفران. و ((الجمان)) بضم الجيم وتخفيف الميم حب يتخذ من الفضة على هيئة اللآلئ الكبار.
أقول: شبهه بالجمان في الكبر، ثم شبه الجمان باللؤلؤ في الصفاء والحسن، فالوجه أن يكون الوجه الكبر مع الصفاء والحسن.
قوله:((فلا يحل)) ((مح)): بكسر الحاء، أي لا يمكن ولا يقع. قال القاضي: معناه عندي حق واجب. قال: ورواه بعضهم بضم الحاء، وهو وهم وغلط. و ((نفسه)) بفتح الفاء.
أقول: معناه لا يحصل أو لا يحق، أن يجد من ريح نفسه وله حال من الأحوال إلا حال الموت. فقوله:((يجد)) مع ما في سياقه فاعل يحل على تقدير أن.
قوله:((بباب لد)) ((مح)): هو بضم اللام وتشديد الدال مصروف، وهو بلدة قريبة من بيت المقدس. وهذا المسح يحتمل أن يكون على ظاهره، فيمسح وجوههم تبركا، أو أنه إشارة إلى كشف ما يكونون فيه من الشدة والخوف.