ينتهي طرفه، فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله، ثم يأتي عيسى إلى قوم قد عصمهم الله منه، فيمسح عن وجوههم، ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة، فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى: إني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم، فحرز عبادي إلى الطور، ويبعث الله يأجوج ومأجوج {وهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ}، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية، فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم ويقول: لقد كان بهذه مرة ماء، ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر، وهو جبل بيت المقدس، فيقولون لقد قتلنا من في الأرض، هلم فلنقتل من في السماء فيرمون بنشابهم إلى السماء، فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دما، ويحصر نبي الله وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مائة دينار لأحدكم اليوم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه، فيرسل الله عليهم
ــ
وقوله:((لا يدان)) معناه لا قدرة ولا طاقة؛ لأن المباشرة والدفاع إنما يكون باليد، وثنى مبالغة كأن يديه معدومتان لعجزه عن دفعه. ومعنى ((فحرز عبادي)) أي ضمهم واجعل لهم حرزا. و ((الحدب)) بالتحريك ما ارتفع من الأرض. و ((النسل)) الإسراع.
((نه)): الخمر بالخاء المعجمة والميم الشجر المتلف، وفسر في الحديث: أنه جبل ببيت المقدس، لكثرة شجره، وهو كل ما يسترك من شجر أو بناء أو غيره. و ((هلم)) معناه: تعال، وفيه لغتان: فأهل الحجاز يطلقونه على الواحد والاثنين والجمع والمؤنث بلفظ واحد مبني على الفتح، وبنو تميم تثني وتجمع وتؤنث، تقولك هلم وهلمي وهلما وهلموا.
قوله:((رأس الثور)) ((تو)): أي تبلغ الفاقة بهم إلى هذا الحد. وإنما ذكر رأس الثور ليقاس البقية عليه في القيمة. قوله:((فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه)) ((قض)): أي يرغبون إلى الله تعالى في إهلاكهم وإنجائهم عن مكابدة بلائهم، ويتضرعون إلى الله فيستجيب الله فيهلكهم بالنغف. ((تو)): النغف دود يكون في أنوف الإبل والغنم. و ((فرسى)) جمع فريس، كقتيل وقتلى، من فرس الذئب الشاة إذا كسرها وقتلها، ومنه: فريسة الأسد.
يريد أن القهر الإلهي الغالب على كل شيء يفرسهم دفعة واحدة فيصبحون قتلى. وقد نبه بالكلمتين – أعني النغف وفرسى – على أنه سبحانه يهلكهم من أدنى ساعة بأهون شيء وهو النغف، فيفرسهم فرس السبع فريسة، بعد أن طارت نعرة البغي في رءوسهم، فظنوا أنهم قاتلوا من في السماء.