للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال: ((إني أنذركموه، وما من نبي إلا وقد أنذر قومه، لقد أنذر نوح قومه، ولكني سأقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه، تعلمون أنه أعور، وأن الله ليس بأعور)). متفق عليه.

ــ

أسلم، فقال: وإن أسلم. فقيل: إنه دخل مكة، وكان بالمدينة، فقال: وإن دخل. وروى أبو داود في سننه بإسناد صحيح عن جابر: قال: فقدنا ابن صياد يوم حرة، وهذا يبطل رواية من يرى أنه مات بالمدينة وصلى عليه، وقد روى مسلم في هذه الأحاديث أن جابرا حلف بالله تعالى أن ابن الصياد هو الدجال، وأنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحلف على ذلك عند النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكره.

قال البيهقي في كتابه ((البعث والنشور)): اختلفوا في أمر ابن الصياد اختلافا كثيرا: هل هو الدجال؟. فمن ذهب إلى أنه غيره احتج بحديث تميم الداري في قصة الجساسة، ويجوز أن تتوافق صفة ابن الصياد وصفة الدجال كما ثبت في الصحيح: أن أشبه الناس بالدجال عبد العزي بن قطن وليس هو هو. قال: وكان أمر ابن الصياد فتنة ابتلى الله بها عباده فعصم الله تعالى منها المسلمين ووقاهم شرها. قال: وليس في حديث جابر أكثر من سكوت النبي صلى الله عليه وسلم عن قول عمر، فيحتمل أنه صلى الله عليه وسلم كالمتوقف في أمره ثم جاءه البيان أنه غيره. كما صح به في حديث تميم. هذا كلام البيهقي فقد اختار أنه غيره. وقد قدمنا أنه صح عن عمر وابن عمر وجابر أنه الدجال، فإن قيل: لم لم يقتله النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه ادعى بحضرته النبوة؟.

فالجواب من وجهين ذكرهما البيهقي وغيره أحدهما: أنه كان غير بالغ، واختار القاضي عياض هذا الجواب. والثاني: أنه كان في أيام مهادنة اليهود وحلفائهم، وجزم الخطابي بالجواب الثاني؛ قال: لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعد قدومه المدينة كتب بينه وبين اليهود كتاب الصلح على أن يتركوا على حالهم، وكان ابن الصياد منهم، أو دخيلا فيهم.

قال الخطابي: وأما امتحان النبي صلى الله عليه وسلم بما خبأ له من آية الدخان؛ فلأنه كان يبلغه ما يدعيه من الكهانة، ويتعاطاه من الكلام في الغيب، فامتحنه ليعلم حقيقة [حاله]، ويظهر إبطال حاله للصحابة، فإنه كاهن ساحر يأتيه الشيطان فيلقي على لسانه ما يلقيه الشياطين إلى الكهنة، فامتحنه ثم قال: ((فلن تعدو قدرك)) أي لا تتجاوز قدرك وقدر أمثالك من الكهان الذين يحفظون من إلقاء الشيطان كلمة واحدة من جملة كثيرة. بخلاف الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم فإنهم يوحي الله تعالى إليهم من علم الغيب ما يوحي، فيكون واضحا جليا كاملا، وبخلاف ما يلهم الله تعالى الأولياء من الكرامات والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>