للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صياد، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يتقي بجذوع النخل وهو يختل أن يسمع من ابن صياد شيئا قبل أن يراه، وابن صياد مضطجع على فراشه في قطيفة، له فيها زمزمة، فرأت أم ابن صياد النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتقي بجذوع النخل. فقالت: أي صاف – وهو اسمه – هذا محمد. فتناهى ابن صياد. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو تركته بين)) قال عبد الله بن عمر: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس، فأثنى علي الله بما هو أهله، ثم ذكر الدجال

ــ

قوله: ((وهو يختل)) ((مح)) هو بكسر التاي أي يخدع ابن صياد ليسمع من كلامه ويعلم هو والصحابة حاله في أنه كاهن أم ساحر ونحوهما. وفيه جواز كشف أحوال ما تخاف مفسدته، وكشف الإمام الأمور المبهمة بنفسه. وقوله: [زمزمة] ((هو في معظم نسخ مسلم بزايين معجمتين، وفي بعضها برائين مهملتين، ووقع في البخاري بالوجهين: وهو صوت خفي لا يكاد يفهم أو لا يفهم.

قوله: ((فتناهى)) تناهى عما كان فيه وسكت. وقوله: ((لو تركته بين)) أي بين لكم باختلاف كلامه ما يهون عليكم شأنه. ((حس)): أي بين ما في نفسه.

قوله: ((لم يقله نبي لقومه)) ((تو)): يحتمل أن أحدا من الأنبياء لم يكاشف أو لم يخبر بأنه أعور، ويحتمل أنه أخبر ولم يقدر له أن يخبر عنه كرامة لنبينا صلى الله عليه وسلم حتى يكون هو الذي يبين بهذا الوصف دحوض حجته الداحضة، فيبصر بأمره جهال العوال فضلا عن ذوي الألباب والأفهام.

((مح)): قصته مشكلة، وأمره مشتبه في أنه هل هو المسيح الدجال أم غيره، ولا شلك أنه دجال من الدجاجلة. قالوا: وظاهر الأحاديث أنه صلى الله عليه وسلم لم يوح إليه بأنه المسيح الدجال ولا غيره، وإنما أوحى إليه بصفات الدجال. وكان لابن الصياد قرائن محتملة، فلذلك كان صلى الله عليه وسلم لا يقطع بأنه الدجال ولا غيره؛ ولهذا قال لعمر رضي الله عنه: ((إن يكن هو فلن تستطيع قتله)). وأما [احتجاجه هو] بأنه مسلم والدجال كافر، وبأنه لا يولد للدجال وقد ولد له، وأن لا يدخل مكة والمدينة وابن صياد قد دخل المدينة وهو متوجه إلى مكة فلا دلالة له فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أخبر عن صفاته وقت فتنته وخروجه في الأرض.

قال الخطابي: واختلف السلف في أمره بعد كبره، فروى عنه أنه تاب من ذلك القول ومات بالمدينة، وأنه لما أرادوا الصلاة عليه كشفوا عن وجهه حتى يراه الناس، وقيل لهم: اشهدوا. قال: وكان ابن عمر وجابر يحلفان أن ابن الصياد هو الدجال لا يشكان فيه، فقيل لجابر: إنه

<<  <  ج: ص:  >  >>