تستجيبون؟ فيقولون: فما تأمرنا؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان، وهم في ذلك دار رزقهم، حسن عيشهم، ثم ينفخ في الصور، فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتا، ورفع ليتا)) قال:((وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله، فيصعق ويصعق الناس، ثم يرسل الله مطراً كأنه الطل، فينبت منه أجساد الناس، ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون، ثم يقال: يأيها الناس! هلم إلى ربكم، وقفوهم إنهم مسئولون. فيقال أخرجوا بعث النار. فيقال: من كم؟ فيقال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين)) قال: ((فذلك يوم يجعل الولدان شيباً، وذلك يوم يكشف عن ساق)). رواه مسلم.
وذكر حديث معاوية:((لا تنقطع الهجرة)) في ((باب التوبة)).
ــ
أن السامع يصعق، فيصغى ليتا ويرفع ليتا، وكذا شأن من يصيبه صيحة، فيشق قلبه، فأول ما يظهر منه سقوط رأسه إلى أحد الشقين، فأسند الإصغاء إليه إسناد الفعل الاختياري.
قوله:((وقفوهم)) عطف على قوله تعالى على سبيل التقدير، أي يقال للناس: هلم ويقال للملائكة: وقفوهم، وفي بعض النسخ بدون العاطف فهو على الاستئناف.
قوله:((بعث النار)) أي مبعوثها فيقال: ((من كم)) أي يسأل المخاطبون [عن] كمية العدد البعوث إلى النار، فيقولون: كم عددا نخرجه من كم عدد. فيقال لهم: أخرجوا من كل ألف تسعمائة [وتسعة] وتسعين. قوله:{يَوْمًا يَجْعَلُ الوِلْدَانَ} يحتمل أن يكون يوم مرفوعاً، ويجعل الولدان صفة له، فيكون الإسناد مجازيا، وأن يكون مضافا مفتوحا، فيكون الإسناد حينئذ حقيقا، والأول أبلغ وأوفق لما ورد في التنزيل.
قوله:((يوم يكشف عن ساق)) ((خط)): هذا مما هاب القول فيه شيوخنا، وأجروه على ظاهر لفظه، ولم يكشفوا عن باطن معناه على نحو مذهبهم في التوقف عن تفسير كل مالا يحيط [العلم] بكنهه من هذا الباب. أما من تأوله فقال: ذاك يوم يكشف عن شدة عظيمة وأمر فظيع، وهو إقبال الآخرة وذهابها وذهاب الدنيا، ويقال للأمر إذا اشتد وتفاقم وظهر وزال خفاؤه: كشف عن ساقه، وهذا جائز في اللغة، وإن لم يكن للأمر ساق. والله أعلم بالصواب.