للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القيامة على أرض بيضاء عفراء, كقرصة* النقي ليس فيها علم لأحد)). متفق عليه.

٥٥٣٣ - وعن أبي سعيد الخدري, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة, يتكفؤها الجبار بيده كما يتكفأ أحدكم خبزته في السفر نزلا

ــ

قوله: ((عفراء)) ((قض)): الأعفر الأبيض الذي يخلص بياضه ولا يشتد, والعفرة: لون الأرض.

وقوله: ((كقرصة النقي)) تشبيه بها في اللون والشكل دون القدر, والنقي: الدقيق المنخول المنظف الذي يتخذ منه الحواري.

((ليس فيها علم لأحد)) أي علامة, يريد به الأبنية, معناه أنها تكون قاعا لا بناء فيها. أقول: ولعل الظاهر أن ذلك تعريض بأرض الدنيا, وتخصيص كل من ملاكها بقطع منها أعلم عليها, على نحو قوله تعالى: {لِّمَنِ المُلْكُ اليَوْمَ لِلَّهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ}.

الحديث الثاني عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:

قوله: ((يتكفؤها)) ((مح)): يتكفؤها بالهمز أي: يقلبها ويميلها من يد إلى يد حتى تجتمع وتستوي لأنها ليست مبسوطة كالرقاقة ونحوها. وفي نسخ مسلم: ((يكفؤها)) بالهمز.

و ((الخبزة)) هي الطلمة التي توضع في الملة.

ومعنى الحديث: أن الله يجعل الأرض كالطلمة والرغيف العظيم, ويكون ذلك طعاما نزلا لأهل الجنة, والله على كل شيء قدير.

((تو)): أرى الحديث مشكلا جدا, غير مستنكر شيئا من صنع الله تعالى وعجائب فطرته, بل لعدم التوفيق الذي يكون موجبا للعلم في قلب جرم الأرض من الطبع الذي عليه إلى طبع المطعوم والمأكول, مع ما ورد من الآثار المنقولة أن هذه الأرض برها وبحرها يمتلئ نارا في النشأة الثانية, وتنضم إلى جهنم. فنرى الوجه فيه أن نقول: معنى قوله: ((خبزة واحدة)) أي كخبزة واحدة من نعتها كذا وكذا, وهو مثل ما في حديث سهل به سعد: ((كقرصة النقي)) وإنما ضرب المثل بقرصة النقي لاستدارتها وبياضها على ما ذكرنا, وفي هذا الحديث ضرب المثل بخبزة تشبه الالاض هيئة وشكلا ومساحة, فاشتمل الحديث على معنيين:

أحدهما: بيان الهيئة التي تكون الأرض عليها يومئذ.

والآخر: بيان الخبزة التي يهيئها الله تعالى نزلا لأهل الجنة, وبيان عظم مقدارها إبداعا واختراعا من القادر الحكيم الذي لا يعجزه أمر ولا يعوزه شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>