للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأهل الجنة)). فأتى رجل من اليهود. فقال: بارك الرحمن عليك يا أبا القاسم! أل أخبرك بنزل أهل الجنة يم القيامة؟ قال: ((بلى)). قال: تكون الأرض خبزة واحدة, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم. فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلينا ثم ضحك حتى بدت نواجذه, ثم قال*: ألا أخبرك بإدامهم؟ بالأم والنون. قالوا: وما هذا؟ قال: ثور ونون, يأكل من زائدة كبدهما سبعون ألفا. متفق عليه.

ــ

أقول: إنما دخل عليه الإشكال لأنه رأي الحديث مذكور في باب الحشر, وبعد قوله: ((كقرصة النقي)) حيث ظن أنه كحديث ((سهل بن سعد)) , وإنما هو من باب وهذا من باب, لأن صاحب جامع الأصول ذكر الحديث الثاني – كما في متن المشكاة – بتمامه في ((باب ذكر أهل الجنة)) , والحديث الأول في ((باب الحشر)) , فإذن لا إشكال في الحديث, وأيضا لا يستدعي التشبيه المشاركة بين المشبه والمشبه به في جميع الأوصاف, بل لو حصل التشبيه في بعض الأوصاف لكفي, وتقريره: أنه صلى الله عليه وسلم شبه أرض الحشر بالخبز النقي في الاستواء والبياض, روي في تفسير {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ} عن الضحاك: ((أرضا من فضة بيضاء كالصحائف)) وكذا عن علي رضي الله عنه شبه أرض الجنة في كونها نزلا لأهلها ومهيأة لهم تكرمة بعجالة الراكب زادا له يتقنع بها في سفره ذاك فحسب, وإليه أشار القاضي بقوله: لم يرد بذلك أن جرم الأرض ينقلب خبزة ي الشكل والطبع, وإنما أراد به أنها تكون حينئذ بالنسبة إلى ما أعد الله لأهل الجنة كقرصة نقي يستعجل المضيف بها نزلا للضيف, وتعريف الأرض في الحديث كتعريفها في قوله تعالى: {ولَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} قال ابن عباس رضي الله عنه: هي أرض الجنة.

فإن قلت: كيف ينطبق على هذا التأويل قول اليهودي: ((ألا أخبرك بإدامهم بالام والنون؟)).

قلت: هو وارد على سبيل الاستطراد إثباتا للمشبه به لا للمشبه, كما في قوله تعالى: {ومَا يَسْتَوِي البَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ومِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًا}.

الكشاف: ضرب البحرين العذب والمالح مثلين للمؤمن والكافر, ثم قال على سبيل الاستطرد في صفة البحرين وما علق بهما من نعمته وعطائه: {ومِن كُلٍّ} أي: ومن كل واحد منهما {تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًا} وهو: السمك {وتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً} هو: الؤلؤ والمرجان, وفيه

<<  <  ج: ص:  >  >>