باتوا, وتصبح معهم حيث أصبحوا, وتمسي معهم حيث أمسوا)). متفق عليه.
ــ
القردة والخنازير, تبيت معهم إذا باتوا, وتقيل معهم إذا قالوا)) * وسيجيء بيانه, وقال عليه الصلاة والسلام: ((ستخرج نار من بحر خضر موت – أو حضر موت – تحشر الناس, قلنا: يا رسول الله فما تأمرنا؟ قال: عليكم بالشام)) قال الشيخ التوربشتي: ويحتمل أن النار نكون رأي عين وهو الأصل, وأنها فتنة عبر عنها بالنار.
وعن الثاني: أن التقسيم الذي ورد في الحديث مستقيم, والنورد غير ما أخذه, وذلك لأنه وارد على القصد للخلاص من الفتنة, فمن اغتنم الفرصة وسبق سار على فسحة من الظهر والزاد رغبة فيما يستقبله ورهبة مما يستدبره, ومن أبطأ حتى ضاق عليه الوقت سار راهبا على ضيق من الظهر, فيتعاقب اثنان على بعير إلى عشرة, ومن كره الله انبعاثهم فثبطهم فوقع في ورطة لا خلاص له ولا مناص, يقيل مع الفتنة حيث قالت, فعلى هذا لا بفتقر إلى عذر أنه صلى الله عليه وسلم لم يذكر واحد على بعير لأن السابقين هم الراكبون على بعير بعير, وكيف يساق السابقون عشرة على بعير؟! وسنقرر هذا المعنى بعيدا هذا.
وعن الثالث: أنه ورد التوقيف, فكيف والحديث يدل عليه؟ وكذا حديث ((حضر موت)) , وحديث ((الشام)) على ماسبق.
وعن الرابع: أن الحديث الذي ورد في الحسان لا يطابق هذا! وليت شعري كيف ينزل قوله ((اثنان على بعير ..)) إلى آخره على قوله ((.. وصنفا ركبانا)) لأن المراد بالركبان السابقون المتقون في قوله تعالى: {وسِيقَ الَذينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إلَى الجَنَّةِ زُمَرًا} والمراد سوق مراكبهم إسراعا بهم إلى دار الكرامة والرضوان كما يفعل من يشرف ويكرم من الوافدين على بعض الملوك, ويستبعد أن يقال: يجيء وفد الله تعالى عشرة على بعير جمعا أو متعاقبا, فعلى هذا الطرائق الثلاث حالهم في الدنيا كذا, والأصناف الثلاثة حالهم في العقبى كذا, يدل عليه قول الشيخ محي الدين في شرح مسلم: قال العلماء: هذا الحشر في آخر الدنيا قبل يوم القيامة وقبل النفخ في الصور, بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: ((يحشر بقيتهم النار ..)) إلى آخره وهذا الحشر آخر أشراط الساعة كما ذكره مسلم بعد هذا في آيات الساعة.
قال: وآخر ذلك نار تخرج من قعر عدن تطرد الناس إلى محشرهم بثلاث طرائق ثلاث فرق, ومنه قوله تعالى إخبارا عن الجن: {كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا} أي فرقا مختلفة, ولكن المطابق له ما ورد في الفصل الثالث عن أبي ذر قال: إن الصادق المصدوق حدثني أن الناس يحشرون ثلاثة أفواج, فوجا راكبين طاعمين كاسين, وفوجا تسحبهم الملائكة على وجوههم, وتحشرهم النار, وفوجا يمشون يسعون يلقي الله الآفة على الظهر فلا يبقى, حتى إن الرجل