قالوا: يا رسول الله؟ وأينا ذلك الواحد؟ قال:((أبشروا فإن منكم رجلا، ومن يأجوج ومأجوج ألف)) ثم قال: ((والذي نفسي بيده أرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة)) فكبرنا. فقال:((أرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة)) فكبرنا. فقال:((أرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة)) فكبرنا. قال:((ما أنتم في الناس إلا كالشعرة السوداء في جلد ثور أبيض، أو كشعرة بيضاء في جلد ثور أسود)). متفق عليه.
٥٥٤٢ - وعنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يكشف ربنا عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة، فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقاً واحداً)). متفق عليه.
ــ
فقوله:((أبشروا فإن منكم رجلا ومن يأجوج ومأجوج ألف)) تنبيه على أن يأجوج ومأجوج داخلون في هذا الوعيد، وبقوله:((أرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة)) أن غير يأجوج ومأجوج من الأمم السالفة الفائقة الحصر أيضاً داخلون في الوعيد، فإذا وزع نصف أمة محمد صلى الله عليه وسلم مع مثله من الأمم السابقة على هؤلاء يكون كالواحد من الألف، يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم:((ما أنتم في الناس إلا كالشعرة السوداء في جلد ثور أبيض)) وقولهم: ((الله أكبر مراراً)) متعجبين، استبشاراً منهم واستعظاماً لهذه النعمة العظمى والمنحة الكبرى، فيكون هذا الاستعظام بعد ذلك الاستعظام إشارة إلى فوزهم بالبغية بعد اليأس منها، والله أعلم.
الحديث الحادي عشر عن أبي سعيد رضي الله عنه: قوله: ((يكشف ربنا عن ساقه)) تو: مهب أهل السلامة من السلف التورع عن التعرض للقول في مثل هذا الحديث وهو الأمثل والأحوط، وقد تأوله جمع من العلماء بأن الكشف عن الساق مثل في شدة الأمر وصعوبة الخطب واستعماله فيه شائع، ومن ذلك قول الشاعر:
عجبت من نفسي ومن إشفاقها ... ومن طرادي الطير عن أرزاقها
في سنة قد كشفت عن ساقها
ومنه قول الله تعالى:{يوم يكشف عن ساق} أي عن شدة، وتنكير ((الساق)) في الآية من دلائل هذا التأويل، ووجه تعريف الساق في الحديث دون الآية أن يقال: أضافها إلى الله تعالى تنبيها على أنها الشدة لا يجليها لوقتها إلا هو، أو على أنها هي التي ذكرها في كتابه.
وقوله:((فيعود ظهره طبقاً واحداً)) أي يرد عظاماً بلا مفاصل لا ينثني عند الرفع والخفض، والمعنى أنه سبحانه وتعالى يكشف يوم القيامة عن شدة ترتفع دونها سواتر الامتحان فيتميز عند ذلك أهل اليقين والإخلاص والإيقان بالسجود الموصوف على أهل الريب والنفاق، والله أعلم.