للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢٥٥ - وعن عائشة، أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله عز وجل أوحى إلي: أنه من سلك مسلكاً في طلب العلم، سهلت له طريق الجنة؛ ومن سلبت كريمتيه؛ أثبته عليهما الجنة. وفضل في علم خير من فضل في عبادة. وملاك الدين الورع)) رواه البيهقي في ((شعب الإيمان)) [٢٥٥].

٢٥٦ - وعن ابن عباس، قال: تدارس العلم ساعة من الليل خير من إحيائها. رواه الدارمي [٢٥٦].

ــ

الحديث السابع عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((يقول)) حال من المفعول، وكان الأصل سمعت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخر القول وجعل حالا؛ ليفيد الإبهام والتبيين، وهو أوقع في النفس من الأصل. و ((كريمتيه)) أي عينيه أي الكريمتين عليه، وكل شيء يكرم عليك فهو كريمك وكريمتك. و ((الجنة)) منصوب بنزع الخافض، ويناسب أن يقال التنكير في الفصل الأول للتقليل، وفي الثاني للتكثير، والملاك- بكسر الميم- ما به إحكام الشيء وتقويته وإكماله، والورع في الأصل الكف عن المحارم، والتحرج منه، ثم استعير للكف عن المباح والحلال، وكان من حق الظاهر أن يقال: وملاك العلم والعمل، فوضع الدين موضعهما تنبيهاً على أنهما توأمان لا تستقيم مفارقتهما، وأنهما لا يكملان بدون الورع.

الحديث الثامن عن ابن عباس: قوله: ((إحيائها)) شبه الليل بالميت الذي لا غناء فيه، وأثبت له الإحياء على الاستعارة التخييلية، ثم كنى عنه بصلاة التهجد؛ لأن في قيام الليل كل نفع للقائم فيه، ومن نام فقد فقد نفعاً عظيماً، قال الله تعالى: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون} إلى قوله: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} نكر ((نفس)) وأوقعها في سياق النفي، ونفى عنها دراية ما ادخر للمجتهد من السرور، يعني نوع عظيم من الثواب ادخره الله لأولئك، وأخفاه من جميع الخلائق، فلا تعلم النفوس كلهن، ولا نفس واحدة

<<  <  ج: ص:  >  >>